قوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين 55 ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين 56}
  وقيل: لا تفسدوها بعد إصلاحكم لعمارتها، يعني لا تعصوا في مسك اللَّه المطر فتهلك عماراتكم، عن عطية. «وَادْعُوهُ» يعني ادعوا اللَّه «خَوْفًا وَطَمَعًا» قيل: خوفًا من عقابه لمجانبة معاصيه، وطمعًا في ثوابه بفعل الطاعات، وقيل: خوفًا من التقصير في العبادات، وأن ترد عليه، فلا تقبل، وطمعًا في أن يقبل منه، ويحسن إليه ربه، وقيل طمعًا في التوفيق، وخوفًا من الخذلان، وقيل: خوف العدل وطمع الفضل، عن ابن جريج «إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ» ثواب اللَّه، عن سعيد بن جبير. وقيل: هو المطر، عن الأخفش. وقيل: فضله وإنعامه «قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ» قيل: المطيعين لله تعالى، وقيل: المحسن من يعبد اللَّه كأنه يراه، ولا يؤذي أحدًا، وقيل: المحسن من أدى الفرائض، واجتنب المعاصي، فصارت أفعاله لا قبح فيها، عن أبي علي.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الانقطاع إلى اللَّه - تعالى - بالدعاء؛ لأن نعم الدين والدنيا لا تُنال إلا من جهته.
  وتدل على أن المستحب في الدعاء الإخفاء؛ لأنَّهُ - تعالى - يسمع السر وإن خفي، ولأنه أبعد من الرياء، وروي في الخبر أنه ÷ سمع الناس يصيحون بالتكبير والتهليل فقال: «إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا» وقد حكى اللَّه - تعالى - عن زكريا #: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيًّا}.
  وتدل على وجوب إخفاء - «آمين» في الصلاة؛ لأن «آمين» من جملة الدعاء، ولأنها تذكر عقيب الدعاء، ومعناه: اللَّهم أجب، وقد اختلفوا، فكان أبو حنيفة يقول: بقولها سرًّا، والشافعي يقول: بقولها جهرًا، وعند الهادي #: لا يقولها.
  وتدل على أنه لا يريد الاعتداء حتى يصح أن يقال: لا يحب المعتدين، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في الإرادة وفي المخلوق.