قوله تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون 58}
  لا تُنْجِزِ الوَعْدَ إِنْ وَعَدْتَ وإِنْ ... أَعْطَيْتَ أَعْطَيْتَ تَافِهًا نَكِدَا
  · الإعراب: (البلد) رفع بالابتداء، وخبره في (يخرج).
  · المعنى: لما بَيَّنَ - تعالى - إنزال المطر وما يحيي به من الأرض الميتة بَيَّنَ حال الأرض التي يأتيها المطر وما يخرج النبات وما لا يخرج، وضرب مثلاً، فقال سبحانه وتعالى: «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ» يعني الأرض الطيبة تربتها «يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ» بأمره وإرادته وخلقه «وَالَّذِي خَبُثَ» من الأراضي وهي السبخة «لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا» يعني ينبت مالاً قليلاً لا ينتفع به، عن السدي، وقيل: إلا ما لا خَيْرَ «كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ» نبين وجوه الحجج ونصرفها «لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ» أي: يشكرون اللَّه على نعمه، قيل: هذا مثل ضربه اللَّه للمؤمن والكافر والمنافق، فالمؤمن طيب يخرج منه العمل الصالح وهو عبادة اللَّه عند نزول المطر، وهو القرآن، والمنافق خبيث لا يخرج منه إلا الخبيث من العمل وعبادة غير اللَّه، وقيل: كما أن الأرض الطيبة هي ما تنبت، والخبيثة ما لا تنبت، كذلك أنتم: الطيبون مَنْ يُخْرِج منكم من الطيبات من القول والعمل، والخبيث مَنْ تخرج منه الخبائث من القول والعمل، ونظيره: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} عن الأصم. وقيل: أراد به لا يكفي المطر في الإنبات حتى يصادف محلاً طيبًا، كذلك لا تكفي المواعظ ما لم تصادف قلوبًا واعية وآذانًا سامعة، وقيل: إنه - تعالى - بَيَّنَ ذلك أن مع الأرض والعمارة والماء ينبت في بعض المواضع تنبيهًا على قدرته، وأنه المنبت كما يشاء، ونظيره: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} وقيل: إن طارح البذر في الأرض السبخة يحصل على تحسر عظيم حيث لم ينتفع بعمله، ولا يُقْدَمُ على مثله،