قوله تعالى: {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم 59 قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين 60 قال ياقوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين 61 أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون 62 أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون 63 فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين 64}
  · القراءة: قرأ أبو جعفر والكسائي «غَيْرِهِ» بكسر الراء على أنه نعت للإله على اللفظ، وهو قراءة يحيى بن وثاب والأعمش، وقرأ الباقون بالرفع على وجهين: أحدهما: الاستثناء، والثاني: الصفة للإله على الموضع؛ لأن تقدير الكلام: ما لكم إله غيره.
  وقيل: إنه رفع وفيه تقديم وتأخير، تقديره: ما لكم غيره من إله.
  وروي عن بعضهم «غَيرَهُ» بفتح الراء، قال الفراء: بعض بني أسد وقضاعة إذا كان معنى (غير) (إلا) نصبوها تم الكلام قبلها أو لم يتم، يقولون: ما جاءني غَيْرَك، وما أتاني أحد غَيْرَك.
  قال الزجاج: قد يكون النصب من وجهين:
  أحدهما: الاستثناء من غير جنسه.
  والثاني: الحال من قومه اعبدوا اللَّه؛ لأن (غيره) نكرة وإن أضيف إلى المعارف.
  قرأ أبو عمرو: «[أُبَلِّغُكُمْ] رِسَالَاتِ رَبِّي» بالتخفيف في (أبلغ) وفي (الأحقاف) مثله، وقرأ الباقون بالتشديد، وهما لغتان، أَبْلَغَ يُبْلِغُ، وبَلَّغ يُبلِّغ، وإنما اختار أبو عمرو التخفيف لقوله: «أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي»، ولقوله: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا} واختار الباقون التشديد لأظهر اللغتين، وأجراه واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، ولقوله تعالى: {بَلغْ مَاَ أُنزِلَ إِلَيكَ}.
  · اللغة: العذاب: الألم الجاري على استمرار العقاب: الألم على ما كان من الإجرام.
  والملأ: الجماعة من الرجال ليس فيهم نساء، عن الفراء، وإنما سمي ملأ لأنهم يملؤون المحافل، وقيل: هم الرؤساء والأشراف، ومنه قول النبي ÷ في قتلى بدر