قوله تعالى: {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم 59 قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين 60 قال ياقوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين 61 أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون 62 أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون 63 فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين 64}
  ويقال: لم جاز حذف النون من (لكني)؟
  قلنا: لاجتماع النونات، ويجوز الإدغام؛ لأنه الأصل.
  ويقال: ما معنى {مِنْ} في قوله: «رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ»؟
  قلنا: هو لابتداء الغاية اللَّه الذي ابتدأني بالرسالة، وكل مبتدئ بفعل فذلك الفعل منه، وأصل {مِنْ} لابتداء الغاية كقولك: خرجت من بغداد إلى الكوفة.
  ويقال: الألف في قوله: «أَوَعجبتم» أي ألف هي؟
  قلنا: ألف استفهام دخل على واو العطف كقوله: أصنعتم كذا وكذا، والمراد بالاستفهام التقريع والإنكار، وإنما فتحت الواو لأنها واو عطف، دخل عليها ألف استفهام، و (أن) في قوله: «أوعجبتم» محله نصب، عن الفراء.
  · المعنى: لما تفدم في السورة توحيد اللَّه - تعالى - والأمر بعبادته، وذكر الأدلة على توحيده وحذر العقاب ووعد الثواب ترغيبًا وترهيبًا؛ ذكر بعده أخبار الأمم وما فعل بالمكذبين وكيف يحيي الموتى زيادة في الترغيب والترهيب، وابتدأ بقصة نوح، فقال سبحانه: «لقدْ» اللام لام القسم، و (قد) تأكيد للكلام، وتقديره: حقًا أقول إنا «أَرْسَلْنَا نُوحًا» وهو نوح بن لَمَك بن متوشلح بن أخنوخ وهو إدريس النبي #، وهو أول نبي بعد إدريس، وقيل: كان نجارًا وولد في العام الذي مات فيه آدم، وقيل: بعث وهو ابن خمسين سنة، وقيل: بعث وهو ابن أربعمائة وثمانين سنة، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا ثم كان الطوفان، وأغرق قومه وهو ابن ألف وثلاثمائة وتسعين سنة، وعاش بعد الطوفان تسعين سنة.