التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم 59 قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين 60 قال ياقوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين 61 أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون 62 أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون 63 فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين 64}

صفحة 2604 - الجزء 4

  صدقي لأني رجل منكم لا أقدر على ما لا تقدرون عليه، عن الأصم. «مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ» أي مِنْ نسبكم نشأ بينكم تعرفون نسبه وأحواله وأمانته، ثم أتاكم بمعجزة تعرفون صدقها فأين الأعجوبة فيه، وقيل: [على] بمعنى (مع)، عن الفراء، يقال: جاءني الخير على وجهك، أي مع وجهك، وقيل: معناه أنه منزل على رجل منكم «لِيُنْذِرَكُم» ليخوفكم العقاب إن لم تؤمنوا «وَلِتَتَّقُوا» أي: لكي تتقوا عذاب اللَّه باتقاء معاصيه لترحموا، وقيل: اتقوا ما تعبدون من دون اللَّه عن الأصم. «وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» أي: لكي ترحموا، وقيل: اتقوا رجاء الرحمة «فَكَذَّبُوهُ» أي: كذبوا نوحًا فيما دعاهم إليه «فَأَنْجَينَاهُ» خلصناه «وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ»، وهم المؤمنون، قيل: بنوه الثلاثة وأزواجهم وسبعة أناس كانوا معهم في الفلك، عن ابن أبي إسحاق. وقيل: كانوا ثمانين نفرًا أربعين رجلاً وأربعين امرأة، عن الكلبي. وقيل: نوح وأصحابه ومن آمن به ومن كل شيء زوجان اثنان، وكان أمر باتخاذ السفينة للطوفان بأن يحملهم فيها «وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» بمعنى أهلكنا بالغرق جميع من كذب «إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ» قيل: جهالاً، وقيل: كفارًا، عن الضحاك. وقيل: عمين عن نزول الغرق بهم، عن مقاتل.

  · الأحكام: في الآيات فوائد:

  منها: أن نوحًا دعاهم أولاً إلى التوحيد، والرسول وإن حَمَلَ الشرائع فلا طريق له