التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6}

صفحة 214 - الجزء 1

  والصراط: الطريق، وأصله من قولك: سرطت الطعام أسرطته مثل زَرَدْتُهُ.

  والاستقامة والاستواء نظيران، ونقيضه الاعوجاج، يقال: استقام هذا، واعوج ذاك.

  · الإعراب: الكناية في قوله: {اهْدِنَا} محله نصب؛ لأنه مفعول، والصراط: المفعول الثاني، والمستقيم: نعت للصراط.

  · المعنى: لما أمر اللَّه تعالى بعبادته بَيَّنَ ما فيه العبادة، فقال: «اهْدِنَا الصِّرَاطَ» قيل: ثَبِّتْنا على الطريق المستقيم والهداية، عن أبي علي وأُبيّ بن كعب، وهذا كما يقال لمن يأكل: كل، أي دم على الأكل، وقيل: أرشدنا إلى طريق الجنة في الآخرة، وقيل: الطف بنا في المستقبل والمستأنف كما لطفت في الماضي؛ لأن العبد وإن كان على طريق الحق فمحتاج إلى ألطاف ربه، ليزيل عنه الشكوك، ووسوسة الشيطان، وشُبَهَ المبطلين، وقيل: معناه دلنا إلى الطريق التي تؤدينا إلى الفوز والنجاة، والأحسن هو الأول؛ ليشاكل ما قبله من طلب المعونة.

  ومعنى «الصِّرَاطَ الْمشْتَقِيمَ»، قيل: الطريق المستقيم، وهو دين الإسلام وطريقة الحق، عن ابن الحنفية ومقاتل، وقيل: كتاب اللَّه، وقيل: طريق الرسول وصاحبيه أبي بكر وعمر، عن أبي العالية، وقيل: طريق الجنة، عن سعيد بن جبير وأبي مسلم.

  ومتى قيل: إذا وجبت الهداية فما معنى السؤال؟

  فجوابنا ما تقدم؛ لأن السؤال قد يكون عبادة، ولأنه قد يكون مصلحة عند السؤال، مفسدة عند عدمه، ونقلب عليه فنقول: إذا كان عندك إنما علم كونه فلا بد أن يفعله، فما معنى السؤال؟ فأي جواب أتى به فهو جوابنا.