التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون 65 قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين 66 قال ياقوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين 67 أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين 68 أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون 69 قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين 70 قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين 71 فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين 72}

صفحة 2609 - الجزء 4

  قلنا: نصب؛ لأنه منادى مضاف.

  · المعنى: لما تقدم قصة نوح عطف عليه قصة هود، فقال سبحانه: «وَإِلَى عَادٍ» يعني:

  وأرسلنا إلى عاد، وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح «أَخَاهُم» يعني في النسب، لا في الدين «هُودًا»، وهو هود بن صالح بن [أرفخشد] بن سام بن نوح فيلتقي معهم في سام، أعني ابن إسحاق، وقيل: هو من ولد عاد بن عوص، وقيل: جميعًا من ولد آدم وحواء، عن الأصم. وإنَّمَا ذكر أخاهم؛ لأنه أبلغ في الحجة؛ لأنه منهم، فهم أعرف به وأقرب منه، وأسكن إليه «قَالَ» يعني هودًا «يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ» أي: خالق ومدبر «أَفَلَا تَتَّقُونَ» استفهام، والمراد التقرير، يعني اتقوا اللَّه؛ أي: اتقوا عذابه باتقاء الكفر والمعاصي، فوحدوه واعبدوه «قَالَ الملأُ» قيل: الجماعة، عن أبي علي. وقيل: الأشراف، عن أبي مسلم. «الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَومِهِ» جحدوا نبوته وما أتى به من التوحيد «إِنَّا لَنَرَاكَ» يا هود [«فِي سَفَاهَةٍ»] أي: جهالة وضلالة في ترك ديننا ودين آبائنا «وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ» وقيل: المراد بالظن العلم، كقول الشاعر:

  فَقُلْتُ لَهُمْ ظُنُّوا بَأَلْفَيْ مُدَجَّجٍ ... سَرَاتُهُمُ فِي الفَارِسِيِّ المُسَرَّدِ

  أي: يخبر بخبر لا يعلم أنه صادق، بل يعلم كذلك، وقيل: المراد به الظن؛ أي لا يعلم أنك صادق أو كاذب. قال الحسن: كان تكذيبهم إياه على ظن، لا على اليقين «مِنَ الكَاذِبِينَ» في أنك رسول اللَّه، وقيل: في نزول العذاب بنا، فعدل هود عن سفههم، وعاد إلى الدعاء إلى اللَّه - تعالى - بأحسن مقالة، وأبين حجة فـ «قَالَ يَا قَوْمِ