قوله تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون 65 قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين 66 قال ياقوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين 67 أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين 68 أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون 69 قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين 70 قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين 71 فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين 72}
  أتخاصمونني «فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ» يعني أصنامًا سميتموها آلهة لا تضر ولا تنفع «مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ» أي: حجة وبرهان يحتمل، لا حجة في تسميتها آلهة، ولا حجة في عبادتها «فَانْتَظِرُوا» نزول العذاب بكم «إنّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ» لذلك، عن أبي علي والأصم. وقيل: انتظروا العذاب لكم فإني أنتظر الرحمة لمن آمن بي «فَأَنْجَينَاهُ» خلصناه يعني هودًا من العذاب، «والَّذِينَ مَعَهُ» يعني آمنوا به واتبعوه «بِرَحْمَةٍ مِنَّا» يعني: برحمة منا خلصناه «وَقَطَعْنَا دَابِرَ» القوم، قيل: أصلهم، وقيل: آخرهم فلم يبق لهم عقب؛ يعني استأصلناهم عن آخرهم «الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» حججنا، وهم قوم هود «وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ» ذكر ذلك ذمًّا لهم، وأن هذا الاسم يعني قولنا: (مؤمنين) لا يجتمع مع التكذيب، وقيل: هو إخبار عنهم بأنهم لم يفوا ولم يؤمنوا، عن أبي مسلم.
  · الأحكام: تدل الآيات على حسن دعاء هود # قومه، وأنه بدأ بالأهم فالأهم من التوحيد والعدل والبراءة من الأصنام، وثنّى بأداء الشرائع.
  وتدل على فساد التقليد حين ذمهم بسلوك طريقة آبائهم.
  وتدل على أن المعارف مكتسبة.
  ويدل قوله: «ما أنزل اللَّه بها من سلطان» أن الواجب اتباع الحجة والتمسك بالأدلة.
  وتدل على بطلان كل مذهب لا دليل عليه.
  ويدل قوله: «أتجادلونني» على أن المبطل مذموم في جداله، والواجب عليه النظر ليعرف الحق.
  وتدل أن رحمته تلحق المؤمنين حيث نجاهم برحمته، فيبطل قول من يقول: إن رحمته تلحق العصاة.