التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيبا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين 85 ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين 86 وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين 87}

صفحة 2632 - الجزء 4

  اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا» أي: تمنعون عن دين اللَّه من أراد أن يؤمن من الناس، وقيل: تعرضون عن دين اللَّه، كأنه قيل: توعدون من آمن به تمنعونه من الإيمان وتعرضون بأنفسكم عن الإيمان «وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا» قيل: تبغون السبيل عوجًا عن الحق، عن قتادة. وقيل: تطلبون أن تعوجوا الطريق بالصد عنه، وقيل: تطلبون لدين اللَّه العوج بتغييره عن وجهه، وقيل: «تبغونها عوجًا» أي: جورًا، عن الأصم. وقيل: تخبرون بأنها عوج، عن أبي علي. «وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ» قيل: كثر عددكم، عن الأصم وأبي علي وأبي مسلم. وقيل: كثركم بالغنى بعد الفقر، عن الأصم. وقيل: بالقدرة بعد الضعف، وذكر الأوجه الثلاثة الزجاج؛ لأن الضعيف والفقير بمنزلة في قلة الغنى، وقيل: أغناهم حتى كثروا بالعبيد والخدم «وَانْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ» يعني الأواخر من قوم عاد وثمود ولوط «وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ» جماعة «مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» صدقوني في رسالتي وما أديت إليهم فقبلوا مني «وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا» أي: جماعة لم يصدقوا «فَاصْبِرُوا» قيل: خطاب للمؤمنين لينتظروا حتى يجازي اللَّه كل طائفة بما تستحقه، وقيل: خطاب للطائفتين فهو وعد للمؤمنين بالنصرة ووعيد للكافر بالعقوبة، عن أبي علي. «حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا» يعني: بين شعيب وأتباعه، وبين أعدائه من الكفار «وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ» الفاصلين؛ لأنه لا يجوز عليه الجور والمحاباة والميل بل يحكم بالحق.

  · الأحكام: تدل الآية على أن شعيبًا دعاهم إلى التوحيد والشرائع على ما جرت به عادة.

  الرسل.

  وتدل على خطر البَخْسِ في المكيال والموازين.

  وتدل على عظيم أمر من صد عن الدين والطاعة.