قوله تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين 88 قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين 89}
  أي: صارا كذلك.
  وقال الآخر:
  وإنْ كَانَتِ الأَيَّامُ أَحْسَنَّ مَرَّة ... إِلَيَّ لَقَدْ عَادَتْ لَهُن ذُنوبُ
  والملة: الديانة التي يجمع على العمل بها فرقة عظيمة، والأصل فيه يكون للأمر من قولهم: طريق مُمَلٌّ ومَلِيلٌ: إذا تكرر سلوكه حتى صار معلمًا، ومنه: المَلَلُ، وهو تكرار الشيء على النفس حتى تضجر، ومنه: المليلة الحُمَّى في العظام.
  والافتراء: افتعال من الفرية وهو الكذب، وأصله: فري الأديم، أَفْريتُ الأديم أفريه فريًا قطعته، والافتراء: القطع على خبر مخبره بخلاف خبره. والفتح: الحكم، قال ابن عباس: ما كنت أدري ما الفتح حتى تزوجت امرأة من الحجاز، فجرى بيني وبينها أمر فقالت: [انطلق] أفاتحك إلى القاضي أحاكمك إليه، ذكره الأصم. والحاكم: الفاتح، والفتاح؛ لأنه يفتح عليه من أبواب العلم ما قد انغلق على غيره.
  · النظم: يقال: بم يتصل قوله: «وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا» بما قبله وما بعده؟
  قلنا: فيه وجوه:
  أولها: أن الملة إنما نتعبد بها على حسب ما في معلومه من مصالح العباد فاقتضى ذكر ذلك.
  وثانيها: أنه عالم بما يكون منا من عود أو ترك.
  وثالثها: لسنا نعلم ما سبق في علمه فيما تعبدنا به من شريعة ولغة يتعبدنا ببعض ما أنتم عليه عن الأصم.