قوله تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين 88 قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين 89}
  أولها: أن المراد بالملة الشريعة، وفي شريعتهم ما يجوز التعبد به، فكأنه قال ليس لنا أن ندخل فيها إلا أن يشاء اللَّه أن يتعبدنا بها وينقلنا، وينسخ ما لنا فيه من الشريعة، عن أبي علي، واختاره القاضي، قال الأصم: إلا أن يشاء اللَّه، فيتعبدنا بما يجوز، ويحسن من ملتهم من البر.
  وثانيها: ما كان لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء اللَّه أن تكرهونا عليه، فندخل مكرهين في ذلك بمشيئة اللَّه؛ لأنه يبيحه عند الإكراه، ويمنع منه عند الطوع والاختيار، عن أبي مسلم.
  وثالثها: لا يحسن أن ندخل فيها إلا أن يشاء اللَّه؛ لأنه إذا شاء صار طاعة وعبادة، فيعظم الوثن إذا كان بأمره كتعظيم الحجر الأسود، وليس بالوجه؛ لأن تعظيم غير اللَّه على وجه العبادة لا يجوز، وهم عبدوها، ونحن لا نعبد الحجر، ولكن نعبد اللَّه باستلامه.
  ورابعها: أنه على الإياس من عودهم والتعبد لذلك؛ لأنه لا يشاء الكفر، فيعلقه بما لا يكون كقولهم: لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب، وحتى يلج الجمل في سَمِّ
  الخياط، وهو قول جعفر بن حرب، واختاره القاضي.
  فأما من يقول: الكناية تعود إلى القرية:
  فمعنى الآية: قد افترينا على اللَّه كذبًا إن عدنا في ملتكم بعدما علمنا أنها كفر، وسنخرج من قريتكم التي أخرجتمونا منها، فلا نعود فيها إلا أن يشاء اللَّه أن ندخلها، فينصرنا عليكم، وينجز وعده، ونظهر عليكم، فندخلها حينئذ، عن أبي مسلم.
  وقيل: إلا أن يشاء اللَّه أن ندخلها حربًا أو صلحًا.
  «وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيءٍ عِلْمًا» يعني علم الأشياء كلها، فعلم ما أنتم عليه وما نحن عليه وما فيه الصلاح «عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا» في أمورنا وأموركم «رَبَّنَا افْتَحْ» قيل: احكم