التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين 88 قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين 89}

صفحة 2636 - الجزء 4

  ومتى قيل: ما معنى (أو) ههنا؟

  فجوابنا أنهم قالوا: لنخرجنك إن أقمت على دينك، وإن عدت إلى ملتنا تركناك، فكأنه للتخيير أو الإباحة.

  وقيل: معناه إن شئت اخرج وإن شئت اقعد، فأجابهم شعيب فـ «قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ» الألف للاستفهام، والمراد الإنكار؛ أي: لا نعود، ونحن كارهون، وقيل: معناه مكرهين، يعني إن عدنا فيها عدنا مكرهين، ولا نكون مع الإكراه داخلين فيها.

  وقيل: المراد به الكراهة أي: كيف يعود المؤمن إلى دين الكفر مع كراهته لذلك وعلمه ببطلانه.

  «قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ» يعني إن عدنا فيها طائعين فقد افترينا أي: كذبنا في قولنا أن تلك الملة كفر، وتقديره: إن عدنا مكرهين لم نكن فيها، وإن عدنا طائعين فقد افترينا، وقيل: قد افترينا إن عدنا؛ لأنا إذا عدنا فقد استحللنا ما حرمنا، عن أبي علي. «بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا» أي: خلصنا بلطفه وبيانه وأدلته منها؛ لأن من أخبره بما ينجو به فقد نَجَّاه، وقيل: بعد أن علمنا اللَّه بقبحها، وقيل: بمفارقتها، فكل ذلك متقارب «وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ».

  واختلفوا في قوله: «نَعُودَ فِيهَا» الكناية إلى ماذا ترجع؟

  قيل: إلى الملة عن أكثر المفسرين.

  وقيل: إلى القرية، وقد تقدم ذكره في قوله: «لَنُخْرِجَنَّكَ [يَا شُعَيبُ] وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا»، عن أبي مسلم.

  ومن قال الكناية ترجع إلى الملة اختلفوا في معنى الآية على أقوال: