قوله تعالى: {وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون 90 فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين 91 الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين 92 فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين 93}
  وزلزلت الأرض فاحترقوا وصاروا رمادًا، وهو عذاب يوم الظلة «فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ» قيل: منازلهم، عن أبي العالية. وقيل: مدينتهم «جَاثِمِينَ» ميتين ملقين على وجوههم «الَّذِينَ كذَّبُوا شُعَيبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا» أي: كأن لم يقيموا بها قط؛ لأن المهلك يصير كأن لم يكن «الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيبًا» أعاده تأكيدًا وتغليظا لتكذيبهم «كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ» لأنفسهم في الدنيا والآخرة لا المؤمنين كما زعموا «فَتَوَلَّى عَنْهُمْ» أي: أعرض عنهم إعراض آيسٍ وقال: «لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ» قيل: قاله قبل نزول العذاب بهم، وتقديره: تولى عنهم وقال لهم ثم أخذتهم الرجفة، عن أبي علي. وقيل: قاله [لمن بقي] معه من المؤمنين، وقيل: قال هم عزيًا لنفسه، وقيل: [قاله لهم] بعد الهلاك كما قال النبي ÷ لأهل القليب عبرة وعظة عن الأصم «وَنَصَحْتُ لَكُمْ» أي أخلصت لكم النصح «فَكَيفَ آسَى» أي: كيف أحزن، استفهام، والمراد الإنكار، أي: لا أحزن، عن أبي علي. «عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ» بِاللَّهِ، وقيل: تقديره: لا وجه للحزن عليكم إذا متم كفارًا، وقيل: غَمَّهُ هلاكُهم؛ لِمَا كان بينهم من الرحم، وكان يرجو إيمانهم، وقيل: قال ذلك على وجه وقع الحزن على نفسه، وقيل: كيف أحزن مع بذل الجهد في النصح وألّا يُصِيبَهُمْ ذلك.
  · الأحكام: تدل على أن قوم شعيب أهلكوا بعذاب الاستئصال لما لم يقبلوا نصيحة نبيهم، فتدل على وجوب قبول النصيحة في الدين، وقيل: كان قومه قومين: قوما أهلكوا بالرجفة، وقوما أصحاب ظلة، وقيل: بل هما واحد.
  وتدل على أن العذاب نزل جزاءً لتكذيبهم.
  وتدل على أن ذلك التكذيب فعلهم، والنصح فعل النبي؛ ليصح الكلام، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.