قوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون 96 أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون 97 أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون 98 أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون 99}
  اللَّه أمره وإرادته، عن أبي مسلم. «فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ» قيل: عذابه وأخذه من حيث لا يشعرون على ما بينا من الاختلاف «إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ» فيه وجوه:
  قيل: لا يأمن عقاب اللَّه للعصاة إلا الخاسرون.
  وقيل: لا يأمن مكر اللَّه من المذنبين إلا القوم الخاسرون.
  وقيل: لا يأمن عذابه جهلاً بحكمه إلا القوم الخاسرون، والخاسر من خسر في الدنيا دينه وفي الآخرة ووجب له العذاب، عن أبي مسلم.
  ومتى قيل: أليس الأنبياء أمنوا عذابه؟
  قلنا: بلى؟ ولكن لأداء ما وجب عليهم وعلى ما ذكرنا من معاني الآية لا يلزم ذلك.
  ومتى قيل: كيف يأمن القوم الخاسرون؟
  قلنا: فيه وجوه:
  أولها: لأنهم بالكفر أخرجوا أنفسهم من طريقة الخوف، وإنما يخاف العذاب مَنِ اعتقد أن له صانعًا يثيبه على طاعته ويعاقبه على سيئاته، عن أبي علي.
  وقيل: لأنهم أمنوا عذاب اللَّه كما يقال لمن ينهمك في المعاصي: هو لا يخاف ربه؛ لأنه كأنه قيل: عمله عمل من لا يخاف.
  وقيل: لأن الأمن من عذابه معصية فمن أمن فقد خسر.
  · الأحكام: تدل الآية على اختلاف مصالح المكلف لأجل اختلاف حاله؛ لأنه بين أنهم لو أمنوا لكان الصلاح فيما يفعل بهم خلاف الصلاح وهم كفار.