قوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون 96 أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون 97 أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون 98 أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون 99}
  طريقه لو كان، الألف في قوله: «أفأمنوا»؟ بعد الواو في قوله: «أو أمنوا» لأن فيها معنى (بَعُدَ) كأنه قيل: بعد هذا كله أمنوا مكر اللَّه، ثم صارت الفاء في «فلا يأمن» كأنه جواب لمن قال: قد أمنوا.
  ويقال: لم رفع «القوم» بعد (إلا)؟
  قلنا: لأن الفعل رافع له، فارتفع لأنه فاعل.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - أن من هلك من الَّذِينَ تقدم ذكرهم أُتُوا في هلاكهم من جهتهم، فقال سبحانه: «وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى» يعني ما تقدم ذكرها، نحو: قوم عاد، وثمود، وقوم لوط وغيرها «آمنوا» صدقوا اللَّه ورسوله ووحَّدُوا اللَّه وعبدوه وأطاعوا الرسول وقبلوا عنه ما أمرهم به «وَاتَّقَوْا» المعاصي «لَفَتَحْنَا عَلَيهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ» بالمطر ومن الأرض بالنبات والثمار «وَلَكِنْ كَذَّبُوا» الرسل «فَأَخَذْنَاهُمْ» يعني عجلنا لهم العقوبة «بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» يعملون من الكفر والمعاصي «أَفَأَمِنَ أهْلُ الْقُرَى» خطاب لهذه الأمة الَّذِينَ كذبوا؛ يعني أفأمن أهل القرى الَّذِينَ كذبوا الرسول، والمراد: أي شيء أمنهم مع كفرهم «أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا» عذابنا «بَيَاتًا» ليلاً «وَهُمْ نَائِمُونَ» غافلون عن ذلك ناموا على أمن «أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا» عذابنا «ضُحًى» عند ارتفاع النهار «وَهُمْ يَلْعَبُونَ» ساهون لاهون، وإنما خص هذين الوقتين قيل: أراد ألّا يأمنوا الليل والنهار، عن الحسن. وقيل: أراد ألا يأمنوا في وقت هو أطيب عيشهم أن يأتيهم العذاب، وقيل: إن ذلك وقت اشتغالهم بملاذ الدنيا من اللعب واللَّهو، وقيل: أراد وقت اشتغالهم بكفرهم؛ لأنه كاللعب «أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ» قيل: عذابه عن عطاء؛ لأن الماكر يوقع صاحبه في هلكة وقد أخذهم من حيث لا يشعرون، عن أبي علي. وقيل: استدراجهم بالصحة والسلامة، وطول العمر، وتظاهر النعمة، وقيل: المكر التدبير، فمن