قوله تعالى: {وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون 72}
  وقت الفعل ههنا ولا يستحقون الذم بما تقدم، ولا تعلق لهم بقوله: (إِنَّهَا) لأن ذلك إشارة إلى البقرة المأمور بذبحها، فلا يقال: إنه إشارة إلى البقرة الأولى، وقيل: لو لم يقولوا: «إِنْ شَاءَ اللَّه» لدام تحيرهم.
  وتدل على وجوب الانقطاع إلى اللَّه تعالى والاعتصام به في أمور الدين والدنيا؛ ليتخلص من الضلالة والتحير، ويهتدى إلى طريق النجاة والفوز.
  وتدل على أن امتثال الأمر يقع موقعه، وإن وقع من المكلف على نكرة؛ لأنه قد ينكره للمشقة، ويصح فعله.
  وتدل على أن المقصد بالقربان إراقة الدم، لولا ذلك لما عد الذبح امتثالاً، وقد بينا اختلاف العلماء أهو بيان أو نسخ، وقد اختلفوا فيه من وجه آخر، فمنهم من قال في التكليف الواقع أخيرًا: إنه يجب أن يكون مستوفيًا لكل صفة - تَقْدُمُ خبره حتى لا يكون شبها لا فارض ولا بكر، ولونها صفراء فاقع، وعلى الصفة الثالثة، ومنهم من قال: يجب كونها بالصقة الأخيرة، وهذا أشبه بظاهر الكلام إذا كان تكليفًا بعد تكليف، وإن كان الأول أشبه بالروايات، وبطريقة التشديد عليهم عند ترك الامتثال.
  ويُقال: هل التكليف الرابع نسخ لما تقدم أم ليس بنسخ؟
  قلنا: هو نسخ لأنه دل أنهم لو فعلوا ما تضمنه الأمر السابق كان كَلاَ فِعْلٍ، ولم يصر نَسْخًا؛ لأن فيه زيادة.
  وتدل الآية على جواز النسخ في شريعة موسى # كما كان في شريعتنا.
قوله تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ٧٢}