قوله تعالى: {أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون 100 تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين 101 وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين 102}
  كثرة الرسل والبينات لم يؤمنوا حتى أهلكوا فلا يهمنك بيان هَؤُلَاءِ إن كفروا فوبالهم يعود عليهم.
  ومعنى قوله: «فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ» فيه وجوه:
  أولها: قيل: تقديره: فما كانوا - لو أحييناهم بعد إهلاكهم ورددناهم إلى دار التكليف - ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل هلاكهم، ونظيره: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} عن مجاهد.
  وثانيها: قيل: عتوهم في كفرهم يحملهم على ألّا يتركوه فما كانوا ليؤمنوا بعد أن جاءتهم الرسل بعد أن كفروا، عن الحسن وأبي علي والأصم.
  وثالثها: لم يكونوا ليؤمنوا مستقبلا بما كذبوا سالفًا، عن أبي مسلم.
  ورابعها: ما كان هَؤُلَاءِ الخلف ليؤمنوا بما كذب به أوائلهم من الأمم بل كذبوا بما كذب به أولئك، إشارة إلى أن كل نبي أنذر قومه وكل أمة فيها جماعة كذبوا رسلهم، كقوله {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ٥٢}، عن يمان بن وثاب.
  وخامسها: فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية المعجزات بما كذبوا قبلها.
  «كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ» قيل: هو السمة والعلامة التي تحصل في قلوب الكفار علامة لكفرهم عَلى ما تقدم، عن أبي علي. وقيل: هو الخذلان وهو الران الذي يلزم قلبه لسوء خياره والإقامة على الكفر إلفًا وعادة، عن أبي مسلم. وقيل: لما بلغوا الحد الذي من يبلغه مات عليه واستوجب العقاب فكنى عنه بالطبع، عن الحسن. وقيل: لا تقبل توبتهم، ويلزم ما في قلوبهم من الكفر حتى يردوا القيامة، ويدخلوا النار؛ لأنهم تابوا في حال المعاينة، عن الأصم. «وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ» أي: أكثر من تقدم ذكرهم وبعهد اللَّه وهو أمره وما أوصاهم به الأنبياء ألايعبدوا إلا إياه ولا يشركوا به شيئًا، عن الحسن، وأبي علي. ويقال لمن لا يفي بالعهد: لا