التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون 117 فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون 118 فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين 119 وألقي السحرة ساجدين 120 قالوا آمنا برب العالمين 121 رب موسى وهارون 122}

صفحة 2672 - الجزء 4

  مقهور. والصاغر: الذليل، والصغير والصغار: الذلة، صَغِرَ الرجل يَصْغَر صَغَرًا وصِغْرًا وصَغَارًا: إذا ذلَّ، وأصله من الصغر الذي هو صغر القدر.

  · الإعراب: يقال: ما معنى (أنْ) في قوله: «أن ألق عصاك»؟

  قلنا: هي التي توصل بالفعل على معنى المصدر كأنه قال: أوحينا إليه بالإلقاء.

  ويقال: ما معنى (ما) في قوله: «وبطل ما»؟

  قلنا: بمعنى (الذي)، وقيل: بمعنى المصدر، يعني بطل عملهم، و (ما) بمعنى المصدر لا تعمل قيل: لأنه اسم، والاسم لا يعمل في الفعل.

  ويقال: لم رفع أسم ما لم يسم فاعله؟

  قلنا: لأنه صنع له كالفاعل فرفع كما صنع للفاعل فرفع.

  واللام في «هنالك» دلالة بُعْد المكان، وهنا وهناك وهنالك للإشارة.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - كيف أبطل سحرهم وكيف أظهر موسى #، فقال سبحانه: «وَأَوْحَينَا إِلَى مُوسَى» أي: ألقينا إليه من وجه لم يشعر به إلا موسى «أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ» وقيل: لَمَّا ألقت السحرة حبالهم وعصيهم - وكانت حمل ثلاثمائة بعير - فزعِ الناس وظنوا أنها حيات، وتحركت، وخاف موسى على ما قص اللَّه {فَأَوجَسَ فِي نفسِهِ خِيفَةً مُّوسَى} ولم يخف من فعلهم؛ لأنه علم أن لا حقيقة لذلك وأن الحقيقة ما معه، وإنما جاز أن تقع شبهة للعوام، وقيل: خاف أن يقع في المغالبة تأخير فتتمكن الشبهة، وقيل: خاف لأنه لم يعلم القدر الذي تعود إليه العصا إذا انقلبت حية فتبقى الشبهة، وقيل: خاف أن يتفرق الناس قبل إلقائه العصا، وفي