قوله تعالى: {قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون 123 لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين 124 قالوا إنا إلى ربنا منقلبون 125 وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين 126}
  عليه صبًا. والصبر: حبس النفس على المكروه، وصبر يصبر صبرًا، ولا يجوز أن يقال لله - تعالى - صابر، ولا أنه صَبَرَ، فأما الصبور فقد قال شيخنا أبو علي: لا يطلق عليه، وقد ورد الخبر بذكره، فإن صح فمعناه أنه حليم لا يعاجل بالعقوبة.
  · الإعراب: أصل (إنا) (إننا)، فإذا قيل: (إننا)، فقد ورد على أصل، فإذا قيل: (إنا)، فعلى حذف النون لكثرة النونات. «ربنا أفرغ» نصب «رَبَّنَا» لأنها منادى مضاف.
  · المعنى: ثم ذكر - تعالي - ما كان من فرعون عند ظهور المعجزة وعند إيمان السحرة، فقال سبحانه: «قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ» أي: أقررتم بالصدق «قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ» قيل: لم يعرف فرعون التوحيد فلذلك قال هذا، وقيل: عرف ولكن عاند وموّه «إِنَّ هَذَا» يعني إيمانهم به «لَمَكْرٌ» خداع «مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ» يعني أنكم تواطأتم مع موسى «في الْمَدِينَةِ» يعني مصر على هذا لتستولوا على العباد والبلاد وتخرجوا منها أهلها وتتغلبوا عليها، وقيل: لِتُخْرِجوا من المملكة أهل المملكة ويصير الملك لكم، عن الأصم. فأوهم أن الإيمان لم يكن عن علم ولكن لتواطؤ ليذهبوا [بملكهم] «فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ» قيل: سوف تعلمون ما أفعل بكم، وقيل: سوف - تعلمون أن ما فعلتم يضركم ولا ينفعكم، ثم أوعدهم فقال «لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ» قيل: اليد اليمين مع الرِّجْل اليسرى، عن الحسن، وقيل غيره، وكذلك اليد اليسرى مع الرِّجْل