قوله تعالى: {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين 132 فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين 133}
  «آيَاتٍ» أي: حجج اللَّه وبينات على صحة التوحيد ونبوة موسى، وأن ما يدعو إليه فرعون باطل «مُفَصَّلَاتٍ» قيل: مبينات ظاهرات، عن مجاهد. وقيل: يتبع بعضها بعضًا بعد انقضاء الأول، وقيل: كان بين كل آية ثمانية أيام، عن الأصم، ولذلك قال: «مُفَصَّلَاتٍ»، وقيل: كانت تمكث من السبت إلى السبت ثم ترفع شهرًا، عن ابن جريج. وقيل: بقي موسى فيهم بعد أن غلب السحرة عشرين سنة يريهم هذه الآيات «فَاسْتَكْبَرُوا» أي: تكبروا عن قبول الحق والإيمان أنفة «وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ» عاصين كافرين.
  · الأحكام: تدل الآية على عناد القوم وإصرارهم على الكفر وجهلهم، حيث عاهدوا في كل آية أن يؤمنوا ثم لم يؤمنوا، أو حيث قالوا: أي آية تأتي بها على صدقك وإثبات إلهك فنحن لا نؤمن بها، وليس هذا عادةَ مَنْ غرضُهُ الحقُّ.
  وتدل على أن التكبر والإجرام وترك الحق فِعْلُهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والاستطاعة.
  وتدل على أنه - تعالى - أنزل هذه الآيات معجزة لموسى ولطفًا لقومه؛ لأن المعجزات الكثيرة إنما يجب إظهارها لطفًا لأنا بالأول نعلم الرسالة، وإذا لم يكن لطفًا لا يظهرها، ولهذا لم يظهر على النبي ÷ كثيرًا مما اقترحوه.
  ومتى قيل: أوليس لم يؤمن عنده أحد؟
  قلنا: في الآية أن قوم فرعون لم يصلحوا عنده، وليس فيها أن غيرهم لم يصلح.
  وقيل: يجوز أن يكون بعضهم أقرب إلى الصلاح، فلم يصلح في الحال.
  وتدل على ذم من يرى الآيات ولا يتفكر فيها، فتدل على وجوب التدبر في الآيات.