التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين 132 فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين 133}

صفحة 2690 - الجزء 4

  وعن سعيد بن جبير: هو السوس؟ فكان الرجل يخرج عشرة أجربة إلى الرحى فإذا لم يبق منه إلا ثلاثة أقفزة.

  وقيل: أخذت أشفارهم وشعورهم فكان أشد عليهم من الجراد، ولم يصب بني إسرائيل شيء، فسألوا موسى أن يكشف عنهم ذلك ليؤمنوا ويرسلوا معه بني إسرائيل، فدعا اللَّه - تعالى - فكشف، وقيل: أشار بعصاه فرجعوا، فنكثوا العهد وكفروا، وكانوا مع هذه المعجزات ينظرون إلى مال فرعون وفقر موسى، فيميلون إليه فعل الجهال الَّذِينَ يغترون بالدنيا ويكون ذلك مبلغ علمهم، ويعملون ظاهر الحياة الدنيا، وهم عن الآخرة هم غافلون.

  وقيل: بقيت ذلك عليهم من السبت إلى السبت، فقالوا: حقًّا علمنا أنه ساحر حيث يجعل الرمل حيوانًا لا نؤمن به، وغرهم فرعون، فأرسل اللَّه عليهم الضفادع، فدخلت المدينة حتى ملأت الدور والفرش، ودخلت طعامهم وشرابهم حتى كانوا يجلسون عليها وتأذوا بها، وربما تدخل في فم المتكلم، وقيل: كان الواحد ينام فإذا انتبه تراكمت الضفادع فوقه، وقيل: أشار موسى بعصاه إلى البحر فأقبلت الضفادع، فشكوا إلى فرعون، فسأل موسى أن يكشف عنهم لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل، فدعا اللَّه تعالى، فكشف عنهم بعدما قام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت، وقيل: ضرب بعصاه الأرض، فعادوا إلى البحار.

  وقيل: إنه - تعالى - قال لموسى أنظره ما استنظرك حتى يأتيك أمري، فنكثوا عهدهم ولم يؤمنوا، فأرسل الله - تعالى - عليهم الدم، فصارت مياههم وطعامهم دمًا عبيطًا، فكان الإسرائيلي يغترف فيكون ماء، ويغترف القبطي فيكون دمًا، حتى كانت الإسرائيلية تمج في فم القبطية فيصير دمًا في فيها، وبقيت كذلك سبعة أيام لا يأكلون إلا الدم ولا يشربون إلا الدم، فأتوا موسى فعاهدوه لئن كشفت عنا لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل، فلما كشف ذلك عنهم قاموا إلى الطغيان، فأغرقهم اللَّه.