التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولما وقع عليهم الرجز قالوا ياموسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل 134 فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون 135 فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين 136}

صفحة 2693 - الجزء 4

  · الإعراب: (لما) للماضي و (إذا) للمستقبل، ومحل (موسى) رفع؛ لأنه نداء مفرد، واللام في قوله: «لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ» لام القسم.

  ويقال: ما عامل الإعراب في قوله: «إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ»؟

  قلنا: «يَنْكُثُونَ» لأنه بمنزلة قوله: خرجت فإذا زيد، وإذا جواب.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - ما آل أمرهم إليه، منبهًا على ضعف فرعون وأن مثله لا يكون إلهًا، فقال سبحانه: «وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ» أي: على قوم فرعون «الرِّجْزُ» قيل: العذاب عن الحسن وقتادة ومجاهد وابن زيد. وهو ما نزل من الطوفَان وغيره، وقيل: هو الطاعون أصابهم فمات في القبط سبعون ألف إنسان، عن سعيد بن جبير، وهو العذاب السادس، وقيل: هو السخط، عن الأصم. وقيل: الرجز: الدم؛ لأنه نغص عليهم عيشهم، عن عكرمة. «قَالُوا» يعني فرعون وقومه «يَامُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ» قيل: بما تقدم إليك أن تدعوه به فإنه يجيبك كما أجابك في آياتك، وقيل: بما عهد عندك على معنى القسم، وقيل: بما عهد عندك أنا لو آمنا لرفع عنا العذاب، وقيل: بما وعدك، وقيل: من النبوة، عن أبي مسلم. وقيل: بما أوصاك، عن أبي العالية «لَئِنْ كَشفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ» أي: العذاب «لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ» أي: نصدقك في أنك نبي، وأن مرسلك اللَّه «وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائيلَ» يعني نطلقهم من الاستخدام «فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنهُمُ الرِّجْزَ» أي: العذاب «إِلَى أَجَلٍ» وقت «هُمْ بَالِغُوهُ» قيل: هو الغرق، وقيل: هو الأجل المقدر، عن الحسن. «إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ» ينقضون العهد «فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ» يعني انتصرنا منهم بسلب بعضهم وإنزال العذاب بهم «فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ» أي: أهلكناهم بالغرق في البحر، وإنما جعل مقدمات الغرق عقوبة لهم فأما ما يحصل بعد الموت فيستحيل أن يكون عقوبة، وهم لا يشعرون به ولا ينالون «بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» يعني فعلنا بهم جزاءً لتكذيبهم بحججنا وجحودهم لها، وخص التكذيب؛ لأنه - تعالى -