قوله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين 142}
  اخلفني، عن علي بن عيسى. وقيل: كان الشرط أن يجتمع رأيهما فلما خرج جعله خليفة في ما [أوكل] إليه، وقيل: استخلفه في أمور من خاصته لا [تتصل بالنبوة]، فكان موسى يختص بالقيام به، وقيل: كانا شريكين في النبوة والأمر، وإنما قال: اخلفني أخرج أنا وتقيم أنت، لا أنه كان يحتاج إلى إذنه في التصرف، وقيل: إن موسى استخلف هارون وخرج في هذه الخرجة، وأخرج مع نفسه السبعين الَّذِينَ اختارهم ليشهدوا له، فلما سمعوا كلام اللَّه لموسى شهدوا له، عن أبي علي. وقيل: بل خرج بنفسه في هذه المرة ثم خرج بعد ذلك لما عبدوا العجل للتوبة، وأخرجهم مع نفسه «وَأَصْلِحْ» يعني أصلح فيما بينهم، وأصلح فسادهم عند غيبتي، وإنما قال ذلك لكثرة ما رأى من خلافهم وفسادهم، وقيل: أصلحهم أي: احملهم على الطاعة «وَلا تَتَّبعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ» أي: لا تسلك طريقة العاصين، ولا تكن عونًا للظالمين، قيل: لا توافقهم ولا تجبهم إلى فساد، عن الأصم.
  ومتى قيل: لم قال هذا، وهو يعلم أنه لا يفعله؟
  قلنا: المراد بذلك إصلاح قومه، وإن كان هو المخاطب، ويجوز أن يقال مثل هذا مع العلم بأنه لا يفعله، كقوله تعالى: {فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ ٥٥}.
  · الأحكام: تدل الآية على أن ذكر الثلاثين لا يدل على أن ما فوقه بخلافه، فالواجب تعليق الحكم بالثلاثين والتوقف فيما وراءه، لولا ذلك لكان العشر كالنقض والبداء، فدل على بطلان قول من يقول: إن تعليق الحكم بصفة يدل على أن ما عداه بخلافه.
  وتدل على أن الشرائع مصالح، وأنها تختلف بالأزمنة والأمكنة، فكأنه علم أن