التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين 142}

صفحة 2703 - الجزء 4

  الملَك وأمره أن يصوم عشرًا أخر، ولا يقطع خُلُوفَه. «فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» قيل: تم الوقت المضروب له في ذلك المكان له، يعني ليلة، وإنما ذكر أربعين ليلة إزالة للتوهم أن ذلك العشر من الثلاثين، كأنه كان عشرين، ثم أتم العشر فصار ثلاثين، فأزال هذا الإيهام.

  ومتى قيل: لِمَ لَمْ يذكر المدة مرة واحدة؟

  قلنا: لمصلحة هو أعلم بها، وإذا علمنا أنه - تعالى - حكيم لا يقول ولا يفعل إلا لمصلحة لكفى، وإن لم نعلم وجه المصلحة في كل فعل وقول؛ لأن ذلك مما يتعذر.

  وقيل: أمرهم بثلاثين وليوطنوا أنفسهم عليه، ثم أمرهم بالعشر ابتلاء ومحنة.

  وقيل: في المدة الأولى تفرد بالذهاب، وفي الثانية حضره المشيعون، ولما لم يحضره في الثلاثين زاد عشرًا ليحضروا، عن أبي مسلم.

  وقيل: المدة الأولى للعبادة، والثانية لنزول التوراة.

  وقيل: يجوز أن يكون أتى الطور متوقعًا أمر اللَّه - تعالى - منتظرًا إلحاق قومه، فلما أعلمه اللَّه بخبرهم مع السامري رجع إلى قومه، ثم عاد للميقات في عشر أخر، عن أبي مسلم.

  وقيل: أمره بالثلاثين للعبادة، ثم أمره بالعشر لتوقع نزول الكتاب، وفيها نزلت التوراة، وكلمه اللَّه - تعالى - فأخبر أن الثلاثين لأمر آخر، وإن كان الجميع ميقاتًا، عن الأصم.

  «وَقَالَ مُوسَى» وقت خروجه إلى الميقات «لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي» قيل: كن خليفتي في قومي، قيل: كانت الرئاسة لموسى عليه على أمته؛ فلذلك قال: