قوله تعالى: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون 74}
  قسوة عندكم، وقيل: معناه الإيهام على العباد، أي هي على إحدى الحالتين، وقيل: معناه الإباحة، أي إنْ شبهتهم بالحجارة فهي تشبههم، وإن شبهتهم بما هو أشد منها فهو شبههم، وقيل: معناه بل أشد قسوة، كقوله تعالى: {إِلَى مِائَةِ أَلفٍ أَوْ يَزِيدونَ} عن أبي علي. وقيل: أو بمعنى الواو، والاختيار الإباحة؛ لأنه مشهور عندهم ظاهر في مفهوم الآية، كقولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين.
  ويُقال: بم ارتفع «أَوْ أَشَدُّ»؟
  قلنا: فيه وجهان: أحدهما: أن يكون عطفًا على موضع الكاف، كأنه قال: فهي كمثل الحجارة أو أشد قسوة. والثاني: على «أو هي أشد قسوة».
  · المعنى: لما تقدم ذكر الآيات الباهرة، والمعجزات الظاهرة، وبين ما أتوا به بَعْدُ من العصيان، قال تعالى: «ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم» قيل: اشتدت ويبست، عن الكلبي، وقيل: غلظت، وقيل: اسودت، وقيل: ذهب منها اللين والرحمة والخشوع، عن الزجاج «قُلُوبُكُمْ» قيل: هو خطاب للقائلين؛ لأنهم بعد أن حَيِيَ وَذَكَرَ أنهم قتلوه ومات أنكروا وحلفوا ما قتلوه، وقيل: خطاب لأحبار اليهود؛ لأنهم لأجل طلب الدنيا والاستكبار لا يقبلون الحق، ولا تَنْجَع فيهم العظة، عن الأصم، وقيل: خطاب لجميع اليهود، وقيل: خطاب لمن كان في عصر النبيّ ÷ من اليهود، عن أبي مسلم «مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ» قيل: من بعد إحياء الميت، وقيل: بعد تلك الآيات المتقدمة من إحياء الميت، والمسخ، ورفع الجبل، وغير ذلك، عن الأصم، قال ابن عباس: لما ضرب المقتول ببعض البقرة جلس حيًّا، وقال: قتلني بنو أخي، ثم قبض فأنكروا، وحلفوا ما قتلوه، والمعنى من بعد أن أحيا القتيل حتى أخبرهم كذبوا «فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ» شبه قلوبهم بالحجارة لصلابتها، يعني لا تلين لموعظة وآية، فهي كالحجر «أَوْ أشد قَسْوَةً» قيل: لأن الحجارة تتصرف على مراد اللَّه تعالى، وقلوبهم تنفر من ذلك، وقيل: أراد ما