التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين 148}

صفحة 2721 - الجزء 4

  وقيل: أراد جميعهم؛ لأن منهم من صاغ، ومنهم من عبد، ومنهم من رضي، والقليل منهم أنكروا ذلك، فجرى الكلام على الغالب «مِنْ بَعْدِهِ» أي: من بعد خروج موسى إلى الميقات، عن أبي علي. «مِنْ حُلِيِّهِمْ» من زينتهم من الذهب والفضة، وكان استعارها بنوا إسرائيل من القبط ليوم عيدهم، وخرج موسى من مصر، ومعهم ذلك الحلي، فلما غرق فرعون وقومه بقيت تلك الحلي في أيديهم، وقيل: أمر باستعارة ذلك منهم فكان مباحًا لهم، فخرجوا به؛ لأنه مال الكفار «عِجْلًا جَسَدًا» قيل: اتخذ السامري منها عجلاً جسدًا وأدخله بيتًا وقال: هذا إلهكم وإله موسى، وقيل: كان السامري من أشرافهم، فأمرهم بإخراج الحلي إليه، وقال: كانت عواري القبط، فدفعوها إليه يلقيها في موضع، عن الأصم. والعجل ولد البقر، وقيل: كان مصنوعًا من ذهب مزينًا بالجواهر، عن الأصم. وقيل: جسدًا أي: جسدًا مجوفًا لا روح فيه، من أدم، أظنه عن السدي وأبي علي وأبي مسلم. وقيل: لحمًا ودمًا، عن وهب. «لَهُ خُوَارٌ» له صوت [ومعنى] اتخذوا اتخذوا عجلاً للعبادة.

  واختلفوا ما الذي دعاه إلى اتخاذه:

  فصيل: كان من قرية يعبدون البقر، وكان حبه في قلبه، وكان ينافق موسى، فلما غاب دعا الناس إلى ذلك.

  وقيل: لما رأى شغف بني إسرائيل أن يعبدوا شيئًا يرونه احتال في إيجاد ذلك، عن الأصم.

  واختلفوا في صوته:

  وقيل: أخذ السامري قبضة من تراب أثر فرس جبريل يوم قطع البحر، فقذف ذلك التراب في فم العجل فتحول لحمًا ودمًا.

  وقيل: لم يصر لحمًا ودمًا، ولكن احتال بإدخال الريح فيه حتى يسمع له صوت كالخوار، كما يحتال بمثله اليوم، عن أبي علي والأصم، وهو الوجه.