التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين 155}

صفحة 2733 - الجزء 4

  فَقُلْتُ لَهُ: اخْتَرْهَا قَلُوصًا سَمِينَةً ... [ونابٌ علينا] مثلُ نابِكَ في الحيا

  قال الفراء: هو مثل قولهم: نصحتك ونصحت لك؛ لذلك يجوز: اخترتكم رجلا، واخترت منكم وجلاً.

  ورفع «قبل»؛ لأنه غاية لم يُضَف إلى شيء، ونصب (إياي) على (لو شئت لأهلكتهم وإياي).

  · المعنى: ثَمَّ بَيَّنَ - تعالى - اختيار موسى من قومه عند الخروج إلي الميقات وما جرى ثم، فقال سبحانه: «وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ» أي: من قومه.

  واختلفوا في سبب الاختيار ووقته:

  قيل: إنه اختارهم حين خرج إلى الميقات؛ ليكلمه اللَّه بحضرتهم، ويعطيه التوراة، فيكونوا له شهداء عند بني إسرائيل لما لم يثقوا بخبره أنه تعالى يكلمه، فلما حضروا الميقات وسمعوا كلامه - تعالى - سألوا الرؤية فأصابتهم الصاعقة وما أصابهم، ثم اختارهم اللَّه، وابتدأ بحديث الميقات، ثم اعترض حديث العجل، فلما تم عاد إلى بقية القصة، وهذا الميقات هو الميعاد الأول الذي تقدم ذكره، عن أبي مسلم.

  وقيل: إنه اختارهم بعد ذلك للميقات الثاني بعد عبادة العجل؛ ليتوبوا من عبادته، فأخذتهم الرجفة، عن ابن عباس والحسن وابن إسحاق والسدي. وإن ما تأولوا ظَنًّا أن هذا الاختيار بعد رجوع موسى، وليس كذلك، وإنما عاد الكلام إلى بقية القصة.

  وقال وهب: قالت بنو إسرائيل لموسى: إن طائفة تزعم أن اللَّه لم يكلمك، ولو