التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين 155}

صفحة 2734 - الجزء 4

  كلمك ما قمت لكلامه؛ ألا ترى أن طائفة منا سألوه النظر إليه فماتوا؟ فما عليك أن تكلمه بحضرة طائفة منا، فأوحى اللَّه إليه أن اختر منهم سبعين، فاختار وخرج هو وهارون واستخلف يوشع «سَبعِينَ رَجُلاً» قيل: كانوا شيوخًا، وقيل: اختار من كل سبط ستة، فكانوا اثنين وسبعين، قال: أمرت بسبعين، وأخر رجلين فقعدا يوشع بن نون [وكالب]، وقال صاحبه، ثم أمرهم بالصوم والتطهر ليخرج بهم إلى الميقات، وسألوا ما سألوا، وأخذتهم الرجفة، قيل: إنما أخذتهم لأنهم لما أتوا الميقات سألوا الرؤية لما سمعوا كلام اللَّه - تعالى، وقالوا: لن نؤمن لك حتى نرى اللَّه جهرة، عن أبي إسحاق وأبي علي وأبي مسلم. وقيل: هَؤُلَاءِ غير الَّذِينَ أخذتهم الصاعقة، وذلك أنهم خرجوا إلى الميقات ليتوبوا فدعوا ربهم، وقالوا: أعطنا ما لم تعط أحدًا قبلنا، ولا تعطه أحدًا بعدنا، فكره ذلك فأخذتهم الرجفة عن ابن عباس. وقيل: لأنهم لم ينهوا عن عبادة العجل، عن ابن عباس. وقيل: إنهم اتهموا موسى بقتل هارون حتى أحياه اللَّه، وكلمهم بأنه مات، ولم يقتل، فأخذتهم الرجفة عن علي #. وقيل: لأنهم لم يُذَيِّلُوا قومهم حين عبدوا العجل ولم يأمروا بمعروف، ولم ينهوا عن منكر، عن قتادة وابن جريج ومحمد بن كعب. «الرَّجْفَةُ» قيل: الموت، عن السدي وابن إسحاق وأبي علي وأبي مسلم. قيل: لم يكن موتًا، ولكن اضطربوا، فأخذتهم الرعدة عند تلك الهيئة، ثم دعا اللَّه - تعالى - موسى فكشف ذلك، عن وهب، والأول هو الصحيح «قَالَ» موسى «[رَبِّ] لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ» أي: من قبل الميقات، فكان لا يتوجه لبني إسرائيل كلام، فالآن ماذا أقول لهم إذا رجعت إليهم، فأحياهم اللَّه «أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا» قيل: هو استفهام والمراد النفي؛ أي: لا تهلكنا بفعل السفهاء، وقيل: معناه الدعاء لا تهلكنا بقول السفهاء، وهو استعطاف، وقد علم موسى أن اللَّه أعدل من أن يؤاخذ أحدًا بذنب غيره، عن المبرد. فأما ذلك الفعل فقيل: عبادة العجل، فظن موسى أنهم أهلكوا لأجل ذلك، وكانوا غير السبعين، وقيل: كان السبعون عبدوه، ولم يعلم موسى، عن السدي. وقيل: الفعل