التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون 158}

صفحة 2745 - الجزء 4

  «الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ» وإنما ذكر ملك السماوات والأرض لأن المختص به هو المختص بالنعمة، ومعرفة الصلاح، وإظهار المعجزات، والتعبد بالشرائع، وهو اللَّه «لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ» يعني هو المستحق للعبادة فقط، فلمَّا تفرد بالإلهية لزم الإيمان برسله وقبول ما أتوا به من الشرائع «يُحْيِي وَيُمِيتُ» ذكر الإحياء والإماتة عند التعبد تنبيهًا على الجزاء وأنه القادر عليه، ولولا الجزاء لما حسن التعبد «فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» يعني محمدًا ÷، «النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ»، قد تقدم معناه «الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ» يعني لم يأمركم بالإيمان حتى آمن هو أولاً، وعليه زيادة تكليف وهو أداء الرسالة، وبيان الشرائع، والقيام بالدعوة «وَكَلِمَاتِهِ» أي: يؤمن بكلماته أي: الكتب المتقدمة، عن أبي مسلم. وقيل: الوحي والقرآن وسائر الكتب عن أبي علي. وقيل: آياته عن قتادة، وقيل: عيسى ابن مريم أنه عَبْدٌ رَسُولٌ، عن مجاهد والسدي. «وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» قيل: اقبلوا ذلك على الرجاء والطمع، وقيل: لكي تهتدوا، وقيل: لتسلكوا طريق الجنة، عن أبي مسلم.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه مبعوث إلى الكافة.

  وتدل على أنه إنما يستحق الإيمان به وبرسله وبعبادته؛ لأن له ملك السماوات خَلْقًا وملكًا.

  وتدل بأنه المختص بأنه يحيي ويميت، والحياة والموت عرضان، لا يقدر عليهما غير اللَّه تعالى.

  وتدل على أن الإيمان بالرسول واجب، لا ينفع الإيمان بِاللَّهِ إلا مع الإيمان بالرسول، فيدخل فيه التمسك بالشرائع، والتورع عن المحارم.

  وتدل على أن الإيمان في الاهتداء فعل العبد، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.

  ويدل قوله: «لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» أراد من الجميع الاهتداء، خلاف قولهم.