التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين 161 فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون 162}

صفحة 2752 - الجزء 4

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - ما أمر بني إسرائيل بعدما أنعم عليهم بتلك النعم وما خالفوا فيه، فقال سبحانه: «وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ» أي: لبني إسرائيل، فقيل: القائل موسى، دعاهم إلى دخول بيت المقدس، وقيل: دعاهم يوشع بعد وفاة موسى لغزو بيت المقدس، عن أبي علي وأبي مسلم وجماعة. وأمروا أن يدخلوها بالتواضع كما تدخل الحرم «اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ» قيل: هي بيت المقدس، عن أبي علي. وكان الحسن لا يسميها ويقول: هي بأرض الشام «وَكُلُوا مِنْهَا» أي: من نعيمها «حَيْثُ شِئْتُمْ» أين شئتم «وَقُولُوا حِطَّةٌ» أي: قولوا حطة عنا ذنوبنا، وقيل: أمروا بكلمة إذا قالوها حط عنهم أوزارهم. «وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا» قيل: ساجدين، وقيل: خاضعين، وكان ذلك شرطًا في قبول فعلهم كما أن تسليم النفس للقتل كان شرطًا في قبول توبتهم «نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ» أي: ما تقدم من المعاصي «سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ» أي: نزيد ثواب المحسنين «فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا» أي: غيروا، قال الحسن: قيل لهم: قولوا حطة، فقالوا: حنطة، وقيل: قالوا: حنطة في شعيرة «الَّذِينَ ظَلَمُوا» أنفسهم بالعصيان «قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ» أي: على الَّذِينَ بدلوا «رِجْزًا» عذابًا «مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ» أي: بظلمهم وعصيانهم.

  · الأحكام: تدل الآية أنهم أمروا بدخول الباب على طريقة التواضع مع التوبة والاستغفار قائلين: حط عنا ذنوبنا.

  وتدل على أنهم لو فعلوا ذلك لنالوا الغفران والزيادة في الإحسان.

  وتدل على أنهم بدلوا ذلك حتى استوجبوا العقاب، وأنهم عذبوا.