التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم 167 وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون 168}

صفحة 2763 - الجزء 4

  وقيل: بل هو ابتداء كلام للنبي ÷ وإعلام الناس بذلك، عن أبي علي.

  · المعنى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ} أي: أعلم، عن الحسن والأصم وأبي علي وأبي مسلم والزجاج.

  وقيل: تألى، عن الزجاج، فمعناه: أقسم قسمًا يسمع بالأذان، وقيل: قال ربك، عن ابن عباس. وقيل: أمر، عن مجاهد. وقيل: حتم، عن عطاء. وقيل: أخبر، عن أبي عبيدة. وقيل: وعد، عن قطرب. «لَيَبْعَثَنَّ» قيل: البعث هو الإطلاق بالأمر والمعونة لأمة محمد، وقيل: بالتخلية وإن وقع على وجه المعصية كقوله: {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ} «عَلَيْهِمْ» قيل: على اليهود، عن الحسن وقتادة وأبي علي. وقيل: على أهل الكتاب، عن سعيد بن جبير. «مَنْ يَسُومُهُمْ» قيل: يحملهم عليه، قيل: هم العرب، وقيل: أمة محمد ÷ «سُوءَ الْعَذَابِ» قيل: بالذلة وأخذ الجزية أو القتل، وقيل: الخطاب للنبي ÷ والمراد بـ «مَنْ» هو، وعنى بقوله: «يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ» من كان في عصره من اليهود كقريظة والنضير وخيبر، يذلهم إِلى يوم القيامة «إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ» قيل: أراد تقريبه؛ لأنه آتٍ لا محالة فهو سريع، وقيل: إنه سريع لمن استحق يعجله في الدنيا؛ لأنه يتأخر عن وقته، عن أبي علي. «وَإنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» يغفر الذنوب بالتوبة، ويرحم المؤمنين فيدخلهم الجنة «وَقَطَّعْنَاهُمْ» يعني بني إسرائيل، قيل: فرقناهم على ما علمنا أنه أصلح لهم في دينهم فصلح فريق وعصى فريق، وقيل: فرقناهم فَتَشَتَّتَ أمرهم وذهب عزهم عقوبة لهم، وقيل: خالف بين دواعيهم حتى تفرقوا وتشردوا وذهب منعهم، وقيل: فرقهم اللَّه حتى أمرهم بالخروج من أرض العرب، فـ «مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ» قيل: منهم صالح ومنهم منتقص من معاصيه، و «دون ذلك» يعني في الصلاح، وقيل: «مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ» المؤمنون بمحمد وعيسى @ «وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ» الكافرون، عن عطاء ومجاهد. وقيل: الصالحون الَّذِينَ هم وراء الصين، و «دُونَ ذَلِكَ» ما بَينا عن الكلبي، وليس بشيء «وَبَلَوْنَاهُمْ» اختبرناهم أي: عاملناهم معاملة المختبر؛ ليظهر المعلوم منه