التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم 167 وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون 168}

صفحة 2764 - الجزء 4

  «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ» قيل: بالنعم والنقم، والخصب والشدة، والعافية والبلايا «لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» لكي يرجعوا عن معصية اللَّه والباطل إلى طاعة اللَّه ودين الحق.

  ومتى قيل: كيف يصح قوله: «يرجعون» إلى الحق، ولم يكونوا فيه؟

  قلنا: فيه وجهان:

  أحدهما: أنهم كانوا مارين على وجوههم في جهة الباطل، فدعوا إلى الرجوع إلى جهة الحق.

  الثاني: أنهم ولدوا على الفطرة، وهو دين الحق الذي لزمهم أن يرجعوا إليه.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه يستمر باليهود الَّذِينَ ثبتوا على الكفر بنبينا محمد ÷ الذلة والصغار والقهر إلى يوم القيامة، وقال أبو علي: فيدل على أنه لا يكون لهم دولة ولا عز، وعلى اتصال ذلهم.

  وتدل على أن أتباع الدجال ليس هم اليهود على ما جاء عن بعضهم؛ لأنه - تعالى - حكم بأنه لا يكون لهم منعة إلى يوم القيامة، ولأن الدجال يدعي الربوبية على ما روي، وليس ذلك طريقة اليهود، فإذا اعترفوا به خرجوا من اليهودية، فإن صح الخبر فالمراد به أنهم كانوا يهودًا ثم انتقلوا.

  وتدل على أنه ابتلاهم بالحسنات الداعية إلى الشكر، والسيئات الداعية إلى الصبر، فلم يشكروا، ففرقهم وأزال عزهم.

  وتدل على قولنا في اللطف أنه يفعل بكل مكلف ما هو الأصلح.

  وتدل على أنه أراد من الجميع الرجوع إلى الحق.

  وتدل على أن الرجوع فعلهم لذلك فعل بهم حتى يرجعوا، فيبطل قولهم في المخلوق والإرادة.