قوله تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون 179 ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون 180 وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون 181}
  [ومتى] قيل: كيف تتصل هذه الآية بما قبلها؟
  قيل: لما تقدم ذكر الكفار عقبه بذكر المؤمنين ومن خالف أولئك، عن أبي مسلم.
  وقيل: إنه يتصل بقوله: «ذرأنا» أي: خلقنا، كأنه قيل: خلقنا قومًا صفتهم كذا وقومًا صفتهم كذا، عن الأصم.
  · الأحكام: تدلُّ أول الآيات على أن في المكلفين من ذهب عن العلم بما يجب أن يعلمه، فلذلك شبهه بالأنعام، وذلك يدل على أن المعارف مكتسبة.
  وتدلُّ على أن في الجنسين من عُلِمَ أنه لا يؤمن ألبتَّة، ومنهم من يؤمن ويستحق الجنة لذلك قال: «كثيرًا».
  وتدلُّ على أن الجن مكلفون.
  وتدلُّ على أنه ليس في الملائكة معذب، فلذلك خص الجنسين بالمصير إلى جهنم.
  وتدلُّ على أنهم لَمَّا لم ينتفعوا بهذه الحواس صارت كالمعدومة، وإنما خص هذه الثلاث؛ لأن المكلف بالنظر يصل إلى العلم [بها] ومحله القلب، وإنما يرى الأدلة بالأبصار، ويسمع بالآذان، فطريق الحجج هذان.
  ويدلُّ قوله: «ولله الأسماء الحسنى» أن الاسم غير المسمى خلاف قول بعضهم؛ لأنه أثبت لنفسه أسامي وهو واحد، وأضافه إلى نفسه.
  وتدلُّ على أنه تَعَبَّدَنا بأن ندعوه بأسمائه الحسنى، وهو ما يفيد التعظيم.
  وتدلُّ على أنه ليس في أسمائه ما يفيد ذمًّا، ولو كان خالقًا للكفر والظلم والكذب لكانت يشتق له منها الأسماء فلا تكون جميع الأسماء [حسنى].
  وتدلُّ على وجوب الانقطاع إليه والمسألة في المهمات مع تقديم أسمائه ولهذا يستحب أن تكون المسألة عقيب الثناء والتمجيد.