التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون 179 ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون 180 وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون 181}

صفحة 2792 - الجزء 4

  ومنها: ما يفيد نفيًا كقولنا: غني وواحد، ونحو ذلك، وكل ذلك يفيد صفة حسنة، ولا يجوز عليه اللقب؛ لأنه بمنزلة الإشارة للحاضر، ولا اسم يفيد معنى قبيحًا كظالم وكاذب؛ لأن الاسم تبع للمعنى، وهو - تعالى - لا يفعل الظلم فلا يسمى ظالمًا، ولا في خبره كذب فلا يسمى كاذبًا.

  «فَادْعُوهُ بِهَا» يعني ادعوه بالأسماء الحسنة تعظيمًا له «وَذَرُوا» دعوا «الَّذِينَ يُلْحِدُونَ» فلا تقتدوا بهم «يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ» أي يميلون، وقيل: يكذبون، عن ابن عباس. وقيل: يشركون، عن قتادة. وقيل: يعاندون، عن قتادة. وقيل: يميلون عن الحق، عن زيد [بن أسلم]. «فِي أَسْمَائِهِ» قيل: يسمون الأوثان باسم اللَّه، ويشتقون لها من أسمائه - تعالى - فيقولون: اللات من اسم اللَّه، والعزى من العزيز، عن ابن عباس ومجاهد. وقيل: هي تسميتهم الأوثان آلهة، وتسميتهما لله أبا المسيح، وقيل: الإلحاد في أسمائه أن يسمى غيره بأسمائه بما لا يليق به، وهذا هو الوجه؛ لأنه يعم جميع الأسماء وجميع ما تقدم «سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يعْمَلُونَ» قيل: في الآخرة بالعذاب، وقيل: في الدنيا والآخرة «وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ» أي: جماعة وعصبة «يَهْدُونَ بِالْحَقِّ» قيل: يهدون إلى الرشد، وقيل: تهتدي به «وَبِهِ يَعْدِلُونَ» أي: بالحق يميلون.

  وعن ابن جريج عن النبي ÷ قال: «هي لأمتي، بالحق يأخذون، وبالحق يعطون، وقد أعطى القوم مثلها: {وَمِنْ قَومِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}».

  وعن الربيع بن أنس عن النبي ÷: «إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم».

  وقيل: هم المهاجرون والأنصار، عن عطاء.

  وقيل: هم مؤمنو أهل الكتاب.

  وقيل: هم العلماء والأتقياء في كل عصر.