التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون 187}

صفحة 2801 - الجزء 4

  وقيل: سألوه عن وقت الساعة، فلم يجابوا مصلحة ولطفًا؛ ليكون المكلف في كل حال على حذر، فيكون أدعى إلى الطاعة، وأبعد عن المعصية.

  · المعنى: لما تقدم الوعيد بالساعة سألوه عن وقته، فورد الجواب على مقتضى الحكمة، فقال سبحانه: «يَسْأَلونَكَ» يا محمد، اختلفوا مَنْ السائل، قيل: اليهود، عن ابن عباس. وقيل: قريش، عن الحسن وقتادة. وقيل: المكذبون بالساعة، عن أبي مسلم. وقيل: يجوز أن يكون السؤال من المسلمين عن وقت الساعة، حكاه الشيخ. «عَنِ السَّاعَةِ» قيل: القيامة عن أكثر المفسرين. وقيل: هو وقت فناء الخلق عن أبي علي والأصم. قال أبو علي: والساعة الصيحة التي إذا كانت لم يبق أحد إلا مات، قال القاضي: الساعة وقت فناء الخلق، وساعة الصيحة. «أَيَّانَ» متى «مُرْسَاهَا» قيل: منتهاها، عن ابن عباس. وقيل: قيامها، عن قتادة والسدي. وقيل: ثبوتها أو إيقاعها عن أبي مسلم. «قُلْ» يا محمد «إِنَّمَا عِلْمُهَا» يعني علم الساعة ووقتها «عِنْدَ رَبّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ» يعني إن وقت الساعة لا يعلمها إلا اللَّه «لا يجليها» أي: لا يظهرها ولا يكشفها إلا هو، وقيل: لا يأتي بها إلا هو، عن مجاهد. وقيل: لا يرسيها لوقتها إلا هو عن السدي. «ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» قيل: ثقلت وعظمت على أهل السماوات والأرض علمها لخفائها، عن السدي وغيره. وقيل: عظم وضعها على أهل السماوات والأرض من انتثار النجوم، وتكوير الشمس، وتسيير الجبال، عن الحسن وابن جريج. وقيل: ثقلت إذا جاءت على أهل السماوات والأرض لعظمها وشدتها وما فيها من المحاسبة والمجازاة، عن أبي علي وأبي مسلم وجماعة. وقيل: ثقلت في السماوات والأرض نفسها، عن قتادة. أي: أنها لا تطيقها لعظمها من انفطار السماوات والأرض، وانتثار النجوم، وتسيير الجبال، وتفجير البحور، وهو تشبيه أي: لو كانت حية ثقل عليها تلك الأحوال «لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً» قيل: غفلة، عن قتادة.