التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون 188}

صفحة 2804 - الجزء 4

  نشتري في وقت الرخص ونبيع في وقت الغلاء فنربح، وإذا كنا بأرض تريد أن تجدب فنرتحل إلى الخصب؟، عن ابن عباس.

  وحكى الأصم عن بعضهم أن نبي اللَّه ÷ انصرف من غزوة بني المصطلق وكان في الطريق، فهبت ريح شديدة، فقال ÷: «مات رجل بالمدينة يقال له رفاعة»، وكان موته غيظًا للمنافقين، ثم قال: «انظروا أين ناقتي» فقال عبد اللَّه بن أبيّ وناس من المنافقين: يخبرنا بموت رجل بالمدينة، ولا يدري أين ناقته وكانت بين يديه الساعة؟ فقال النبي ÷: «إن ناسًا من المنافقين يزعمون كذا، وموت رفاعة حق، وناقتي في الشعب تعلق زمامها بشجرة» فوجدوها كما قال.

  · المعنى: «قُلْ» يا محمد «لا أَمْلِكُ» أي: لا أقدر «لِنَفْسِي» على نفع أجتلبه أو ضرر أدفعه «إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ» أن يملكني فأملكه بتمليكه إياي «وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ» قيل: معناه لا أملك إلا ما ملكت، ولا أعلم إلا ما علمت، وما أقول هذا عن آفة ولا علة، وقيل: لو علمت الغيب لأعددت من السنة المخصبة للسنة المجدبة، ولاشتريت ما أربح، ولاشتريت من الرخص للغلاء، عن الفراء وأبي علي. وقيل: لاستكثرت من العمل الصالح على حسب علمي به، عن الحسن وابن جريج. وقيل: لاستكثرت من تصديقكم إياي وإيمانكم، عن الأصم. وقيل: لو علمت الغيب لاستكثرت من معرفته حتى لا يخفى عليّ شيء، وقيل: لو علمت الغيب لاستكثرت من خير الدين والدنيا، فكنت أجيب عن كل ما أُسْأَل، وأنفق المال على الطاعات، وأستميل القلوب بها، فيقوى الداعي إلى اتباعي، وقيل: لو علمت متى أموت لاستكثرت الخير لذلك الوقت «وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ» قيل: جنون، عن الحسن ومقاتل، كما زعمه المشركون، ونظيره قوله: {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} وقيل: الفقر لاستكثاري من الخير، عن أبي علي. وقيل: ما مسني تكذيب يسوؤني؛ لأني كنت