قوله تعالى: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين 189 فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون 190 أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون 191 ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون 192}
  وقيل: قال لحواء ذلك فذكرت لآدم، فأبى وقال: أَطَعتِهِ مرة فأخرجك من الجنة، وسماه صالحًا فقبله، فلما كان ثالثًا قال آدم: إن غلبتموني فسموه عبد الحارث، في قصة طويلة، واختلاف الروايات ما ذكرناه، جملته، وهذا فاسد؛ لأن فيه إضافة الشرك إلى نبي اللَّه وطاعة الشيطان.
  ومتى قيل: أيهما سميا لا قصدا أو ما علمنا؟
  قلنا: فالتلقيب ليس بشرك، واللَّه - تعالى - جعل ذلك شركًا، ثم ليس في ظاهر الآية من روايتهم وحديث إبليس شيء.
  · المعنى: «هُوَ» يعني اللَّه «الَّذِي خَلَقَكُمْ» أي: جميع الخلق «مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ» قيل: من آدم، وقيل: من أب، وقيل: من جنس واحد «وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا» قيل: حواء من آدم، عن الحسن وأبي علي وقيل: زوجك لنفس من جنسها، عن أبي بكر أحمد بن علي والزجاج.
  «لِيَسْكُنَ إِلَيهَا» يستأنس بها ويأوي إليها ويألفها؛ لأن الشكل إلى الشكل آلف «فَلَمَّا تَغَشَّاهَا» أي: جامعها «حَمَلَتْ حَمْلاَ خَفِيفًا» وهو ماء الرجل في رحمها يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة، وفي جميعها هو خفيف أي استمرت بذلك الحمل الخفيف، قال الزجاج: معناه استمرت به قامت وقعدت ولم يثقلها، قيل: مرت بالحمل إلى أن صار إلى حال الثقل، عن الحسن ومجاهد وقتادة. وقيل: سكن فيه لخفته حملت أم لا، عن ابن عباس. وقيل: استبان حملها، عن قتادة. وقيل: مارت به، والمور التردد، يعني تردد هذا الماء في رحم الحاملة، عن أبي مسلم. «فَلَمَّا أَثْقَلَتْ» أي: كبر الحمل في بطنها وتحرك وصار ذا ثقل، كما يقال: أثمر: إذا صار ذا ثمر «دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهمَا» قيل: آدم وحواء، وقيل: الأبوين من ولد آدم، وقيل: إن آدم وحواء كانوا مستوحشين فلذلك دعوا، وقيل: خافا أن يكون في بطنها داء «لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا» أي: