التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين 196 والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون 197 وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون 198}

صفحة 2817 - الجزء 4

  · اللغة: الولي: القريب، وأصله الاتصال، والولي: الناصر؛ لأنه يتولاه بأن يصل نصرته، وكل من ولي أمرًا فهو وليه وأولى له، وقيل: كلمة تهديد، عن ثعلب. وقيل: معناه قاربه ما يهلكه، عن الأصمعي. قال ثعلب: والأحسن في ذلك ما قاله الأصمعي.

  · المعنى: لما أمر اللَّه - تعالى - نبيه ÷ أن يحاجهم فيه ويقول: ادعوا شركاءكم وكيدون، بيّن أن ناصره وحافظه اللَّه تعالى، فقال سبحانه: «إِنَّ وَلِيِّيَ» وناصري وحافظي، وقيل: من يلي أمري ويدفع شركم عني «الَّذِي نَزَّلَ الكِتَابَ» يعني يؤيدني بنصره كما أثزل الكتاب عليّ، وقيل: يؤيدني لأنه أنزل الكتاب إليّ، فلا بد أن ينصرني حتى أبلغه «وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ» أي: يتولى كل عبد صالح بالنصرة، وقيل: يتولى الصالحين إذا دعوه «وَالَّذِينَ تَدْعُونَ» من دون اللَّه إلهًا، وهي الأصنام «لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ» أي: لا يقدرون على نصركم كما يقدر اللَّه على نصري «وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ» قيل: الأوثان لا يدفعون عن أنفسهم شيئًا، وقيل: الكفار لا ينصرون أنفسهم، ولا معبودهم.

  ومتى قيل: لم كرر ذلك؟

  قلنا: ليس بتكرير؛ لأن ما تقدم تقريع وتوبيخ، وههنا فرق بين مَنْ يجوز أن يُعبد ومن لا يجوز، كأنه قال: أعبد من ينصرني، ولا ناصر لكم ممن تعبدونه؛ فلا تعبدوه «وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى» قيل: إن تدعوا الأوثان إلى الرشد والمنافع، عن الفراء وأبي علي. وإنما أخبر عن الأوثان بجمع مَن يعقل وهو الهاء والميم؛ لأنهم جعلوها تنفع وتضر كمن يعقل، وقيل: لأنهم صوروها صورة من يعقل،