التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين 196 والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون 197 وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون 198}

صفحة 2818 - الجزء 4

  فعبر عنه بعبارتهم، وقيل: أراد به الكفار؛ أي: إن تدع يا محمد المشركين إلى الدين، عن الحسن. «لا يَسْمَعُوا» قيل: لا يقبلوا، ومنه: سمع اللَّه لمن حمده، وقيل: لأنها جماد، وقيل: لا يسمعون بسببها؛ لأنهم لو تركوها صاروا كأن لم يسمعوها.

  «وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ» فيه قولان:

  الأول: أن الكناية ترجع إلى الأوثان.

  والثاني: أنها ترجع إلى عبدة الأوثان.

  فمن قال بالأول اختلفوا، وقيل: ينظرون إليك أي: يقابلونك كالناظر، ولا يبصرونك، قال الشاعر:

  إِذَا نَظَرْتَ بِلاَدَ بَنِي تَمِيمٍ ... بِعَيْنٍ أو بِلادَ بَنِي صَبَاحِ

  أي: يقابل.

  وقيل: يتوهم أنهم يرونك عن حيث لهم أعين فاتخذوهم لا يبصرون، عن أبي علي. كأنهم ينظرون إليك، كقوله: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَي} لأن حقيقة النظر لا تجوز على الأوثان.

  وأما من قال: الكناية ترجع إلى عباد الأوثان، اختلفوا، فقيل: ينظرون إليك، وكأنهم لا يبصرونك كراهة للنظر إليك وبغضًا منهم؛ لذلك صاروا كالعُمْيِ، عن الأصم.

  وقيل: بِحَيْرَتهم يقابلونك كالناظر ولا يبصرونك.

  وقيل: هو عطف على قوله: «يسألونك عن الساعة كأنك»، قيل: يقولون وينظرون إليك، ولا يبصرون، أي لا يتأملون حقائق ما ينظرون إليه من آيات اللَّه ومعجزات رسول اللَّه ÷، عن أبي مسلم.