التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين 199 وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم 200}

صفحة 2820 - الجزء 4

  ومنه: «أعفوا اللحى» أي: اتركوها تطول، والعَفْو والعَفَاء: المكان الذي لم يُوطَأْ، كأنه ترك، وعفا الشيء: كثر، ومنه: {حَتَّى عَفَوا} وكأنه ترك حتى كبر، والعَفَاء: ما ليس لأحد فيه ملك، كأنه ترك فلم يملك.

  والأمر: قول القائل لمن دونه: افعل إذا أراد المأمورَ به، وهو حقيقة في القول وهو في الفعل مجاز، ولذلك يتصرف في القول دون الفعل، ويَطَّرد في القول، لا يقال: أَمَرَ بمعنى (فعل)، وقد ترد صيغته ويراد به غير الأمر كالتهديد، والإباحة، والإرشاد.

  والعرف ضد النُّكْر، والعرف والمعروف والعارفة: كل خصلة حميدة تعرف صوابَها العقولُ، وتطمئن إليها النفوس، قال الشاعر:

  لا يَذْهَبُ العُرْفُ بَيْنَ اللَّهِ والنَّاسِ

  والنزغ: الإزعاج بالإغواء، وقيل: الولوع بالإغواء، وأصله: الإزعاج بالحركة إلى الشر، وهذه نزغه من الشيطان للخصلة الداعية إليه، وقيل: النزغ: الإغواء، وهو الوسوسة، وقيل: هو ما يعرض في الإنسان عند وسوسته.

  والاستعاذة: طلب البراءة من البلية، تقول: أعوذ بِاللَّهِ من كذا.

  · الإعراب: يقال: ما موضع «ينزغنك» من الإعراب؟

  قلنا: جزم ب (إن) التي للجزاء إلا أنه لا يبين فيه الإعراب؛ لأنه مبني مع نون التوكيد على الفتح، إذا كانت مشددة لا بد من تحريك ما قبلها في الجزم لالتقاء الساكنين، فأجرى الفعل في تصاريفه على ما لزمته العلة منه.

  ويقال: لم وصل (ما) ب (إن) ههنا في الخط، ولم يوصل قوله: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ