التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين 199 وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم 200}

صفحة 2821 - الجزء 4

  قلنا: لأنها ههنا حرف تدغم فيه النون، وهناك اسم ينفصل كما ينفصل غيره من الأسماء، فلا يجوز فيه الإدغام؛ لئلا يجتمع ساكنان.

  · النزول: قيل: لما نزل قوله تعالى: «خذِ الْعَفْوَ ...» الآية قال ÷: «كيف يا رب والغضب» فنزل: «وَإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزْغٌ ...» الآية.

  وروي أنه لما نزلت الآية قال النبي ÷ لجبريل #: «ما هذا؟ قال: أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك».

  · النظم: يقال: كيف تتصل هذه الآية بما قبلها؟

  قلنا: لما تقدم أمره - تعالى - بدعائهم إلى الحق بَيَّنَ في هذه الآية أن يقبل إيمان من يؤمن، ويعرض عمن لا يؤمن، وأن يأمرهم بالمعروف الذي أمر به، عن أبي مسلم.

  وقيل: تقدم ذكر المؤمن والكافر، فبيّن في هذه الآية كيف يعامل من تقدم ذكره.

  وقيل: لما أمره بالدعاء إلى اللَّه وتبليغ رسالته عَلَّمَهُ خصال الخير في الدين والدنيا؛ ليكونوا أقرب إلى القبول منه.

  وقيل: لما بعثه وأمره بالدعاء إليه علمه كيفية الإبلاغ والتعليم والأخلاق الشريفة؛ ليتم الغرض بالبعثة لقبول الناس عنه وسكونهم إليه.

  · المعنى: «خُذِ الْعَفْوَ» قيل: الفضل من أخلاق الناس واجعله عادتك، عن الحسن وابن الزبير وأبي علي. وقد يكون فيما سهل من القضاء وترك الاستقصاء، وفي قبول المعاذير والمعاشرة مع الناس كما يحسن ويسهل، وقيل: خذ من أخلاق الناس وأعمالهم بالعفو من غير تحسس، عن مجاهد. وقيل: هو العفو من المال أي: ما