قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين 199 وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم 200}
  وتدل على وجوب التعليم؛ لأنه ما لم يُعَلَّم لا يمكنه الفرق بين المعروف والمنكر حتى يأمره بالعرف.
  وتدل على وجوب الاستعاذة بِاللَّهِ دفعًا لشر الشيطان، وإنما خص الشيطان بالذكر، وإن كان الواجب الانقطاع إليه في دفع [شَرِّ] كل أحد لوجهين:
  أحدهما: أن مغالبته ومقاتلته تتعذر، ولا طريق لدفعه إلا بالاستعاذة.
  والثاني: أنه يوسوس من طريق يشتبه ويوافقه هوي النفس فوجب الاستعاذة به بدفعه.
  وتدل على أن الاستعاذة به عند دعاء المبتدع وإغواء الإنس، وهوى النفس؛ لأن ضرر جميع ذلك أعظم.
  وتدل على أن القبائح ليست من خلق اللَّه لا الكفر والضلال ولا الدعاء إليه والوسوسة به؛ إذ لو كان الجميع من خلقه لم يكن للاستعاذة من الشيطان معنى، بل كان يمتنع الاستعاذة منه، ولأن خلق الشر أعظم من الدعاء إليه.
  وتدل على أن النبي ÷ مأمور بالاستعاذة.
  ومتى قيل: كيف يوسوسه مع علمه بعدم التأثير؟
  قلنا: قيل: لجهله بذلك، وقيل: ظنًّا منه بأنه تنقضي الاستعاذة فتؤثر الوسوسة، وقيل: تؤثر وسوسته في أعمال خاصة في الدنيا، وقيل: لعله يعتقد جواز ذلك عليه.
  وتدل على أن الاستعاذة لطف؛ لأن دفع شر الشيطان عند الاستعاذة مصلحة، ولأن التعوذ عبادة وانقطاع إليه، وتذكير لتجدد نعمه عليه.
  وقيل: الإنسان يغلب الشيطان عند الاستعاذة، والشيطان يغلب الإنسان عند الغضب، وعند الهوى.