التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين 205 إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون 206}

صفحة 2835 - الجزء 4

  · اللغة: الآصال جمع، واحدها: أصيل، يجمع على أُصُلٍ، ثم يجمع على آصَالٍ، فهو جمع الجمع، عن الزجاج. وقيل: الآصال جمع أصيل، كـ يَمِينٍ وأَيْمانٍ. وقيل: الآصال: ما بين العصر والمغرب، والأصيل تصغيره أصيلال، قال الشاعر:

  وَقَفْتُ فِيهَا أُصَيْلالاَ أُسَائِلُها ... عَيَّتْ جَوابًا ومَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ

  وقيل: هو مأخوذ من الأصل الذي ينتهي إليه النهار وينشأ عنه الليل، فهو أصل لهما على هذا المعنى. والاستكبار: طلب كبر القدر بالامتناع من الحق، وهو «استفعال» من الكبر، والأصل في الاستفعال الطلب. والتسبيح لله: هو التنزيه له عما لا يجوز عليه. والتضرع: التذلل والضعف، يقال: الحمى أضرعتني أي: ذللتني وضعفتني.

  · المعنى: لما تقدم الأمر بقراءة القرآن والاستماع، بَيَّنَ كيفية القراءة وكيفية الدعاء، فقال سبحانه: «وَاذْكُرْ رَبَّكَ» قال أبو مسلم: هذا يتصل بقوله: «إِنَّ وَلِيّيَ اللهُ» أي: قل لهم هذا، وقل: اذكر اللَّه، قيل: «واذكر» خطاب للنبي ÷ والمراد عام، وقيل: أراد واذكر أيها الإنسان ربك «فِي نَفْسِكَ» قيل: تفكر في الآية وأدلتها لتحصل المعرفة به وبصفاته، وقيل: اذكره بالطاعة، وقيل: هو الذكر الذي هو ضد النسيان، وقيل: أمرنا بالذكر الذي هو القول، وقيل: أراد به الدعاء، عن أبي علي. وإنما خص الذكر في النفس؛ لأنه أبعد من الرياء، وقيل: هو أمر بالصلاة، وقيل: بالقراءة في الصلاة، عن ابن عباس والأصم، وهو الأولى لقوله: «وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ»، «تَضَرُّعًا» قيل: تخشعًا وتذللاً وهو لوجهين: