قوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين 205 إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون 206}
  أحدهما: يتضرع لتقصير وقع في واجباته.
  والثاني: إقدام على معاصيه فيتضرع؛ ليغفر له ذلك.
  «وَخِيفَةً» خوفا من عقابه، وقيل: المراد به القراءة في الصلاة تضرعًا جهرًا، وخيفة سرًّا «وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ» يعني ما بين الإخفاء والجهر، ولا يبلغ الحد المكروه منهما «بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ» أي: بالغدوات والعشيات، عن قتادة وابن زيد. والغدو والبكرة هو أول النهار، وقيل: المراد به دوام الذكر، وقيل: المراد به الصلوات المكتوبات «وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ» عن عِبَرِ القرآن ومواعظه، وقيل: لا تدعوه غافلاً؛ لأن دعاء الغافل لا يقبل، وقيل: لا تغفل عن تلاوة الكتاب وتفهمه، عن الأصم.
  ثم ذكر ما يكون باعثًا على الذكر ولطفًا فيه، فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ» يعني الملائكة، عن الأصم وأبي مسلم. قيل: هم مع جلالتهم يذكرون اللَّه ويعبدونه، وقيل: هم مع عصمتهم بهذه المنزلة فأنت مع ذنوبك أيها السامع أولى أن تجتهد، وقوله: «عِنْدَ رَبِّكَ» ذكر ذلك تشريفًا لهم بإضافتهم إليه، ولم يرد المكان، وسواء قولك: هو مقرب، أو قلت: عنده، وقيل: لأنهم رسل اللَّه إلى الإنس، عن أبي علي. وقيل: لأنهمْ في مَوْضِعٍ الحكم فيه لله - تعالى، عن أبي علي. «لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ» أي: لا يتكبرون عن عبادة اللَّه والتضرع اتقاءً «وَيُسَبِّحُونَهُ» ينزهونه عما لا يليق به، وقيل: يقولون: سبحان اللَّه «وَلَهُ يَسْجُدُونَ» قيل: يخضعون، وقيل: يصلون كأنه قيل: يسجدون في الصلاة، عن الحسن. [و] السجدة لا خلاف أن في آخر سورة الأعراف سجدة. وعن إبراهيم: آخر الأعراف إن شاء ركع، وإن شاء سجد.
  وقال أبو حنيفة: كلما وضع السجود في آخر السورة أو قريبًا منها فهو بالخيار، إن شاء سجد، وإن شاء ركع، وإن سجد ورفع رأسه قام وقرأ القرآن، ثم ركع.
  واختلفوا، قال أبو حنيفة: سجدة التلاوة واجبة، يشترط فيها من الطهارة والقبلة وستر العورة وغيرها ما يشترط في الصلاة.
  وقال الشافعي: سنة مؤكدة.