التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار 15 ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير 16}

صفحة 2874 - الجزء 4

  · النزول: قال الأصم: أجمع المفسرون أنها نزلت في يوم بدر؛ لأنه لم يكن لهم فئة، وقيل: فيه وفي غيره.

  · المعنى: لما أمد اللَّه - تعالى - بالملائكة، ووعد النصر نهى عن الفرار، فقال: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» قيل: خطاب لأهل بدر ولم يكن بها إلا مؤمن، وقيل: بل هو عام؛ «إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا» قيل: مجتمعين متراصين بعضكم إلى بعض «فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ» أي: لا تولوهم ظهوركم هَرَبًا منهزمين «وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ» ظهره حتى يرى العدو ظهره هربًا «إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ» أي يعدل من جهة إلى جهة، وهو ثابت على القتال، وقيل: متقطعًا مستطردًا لقتال عدوه ويطلب عَوْدَةً أو فرصة أو يرى أن عدوله إلى موضع آخر أصلح «أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ» قيل: مائلاً إلى جماعة، عن الأصم، وقيل: منضمًا صائرًا إلى جماعة المؤمنين لينصروه، ويرجع معهم إلى القتال، واختلفوا في هذه الفئة، فقيل: الجماعة المنتصبة للقتال، وقيل: الإمام وجماعة من المسلمين، عن عمر بن الخطاب وجماعة من المفسرين «فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ» أي احتمل غضبه واستحقه وبالاً على فعله، عن أبي علي وأبي مسلم.

  وباء: رجع «وَمَأْوَاهُ» مسكنه «جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»: المرجع لمن يصير إليها.

  · الأحكام: تدل الآية على وعيد أهل الصلاة؛ لأن الخطاب لهم خلاف ما يقوله قوم من المرجئة أنه لا وعيد إلا في الكفار.