التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم 17 ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين 18}

صفحة 2880 - الجزء 4

  فحمله الناس يقولون: لا بأس عليك، وهو يقول: لو كان ما بي بالناس كلهم لقتلهم، ألم يقل: إني أقتلك إن شاء اللَّه، فمات ببعض الطريق، ففي ذلك نزلت الآية.

  ومتى قيل: كيف يصح الجمع بين هذه الروايات؟

  قلنا: ظاهر الكلام أنها نزلت يوم بدر، وإن صح الجميع، فيحمل على أن الرمي كان منه فيها، ونزلت الآية مرة بعد مرة.

  · النظم: يقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟

  قلنا: لما أمرهم بالقتال في الآية المتقدمة ووعدهم بالنصر ذكَّرَهم في هذه الآية أن ما كان من فتح المسلمين وقهر الكفار كان منه وبنصرته تذكيرًا للنعمة، عن أبي مسلم.

  وقيل: لما أمروا بالقتال كان بعضهم يقول: أنا قتلت فلانًا، وقتلت فلانًا، فنزلت الآية، عن مجاهد، تنبيهًا لهم كيلا يعجبوا بفعلهم.

  · المعنى: «فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ» خطاب للمؤمنين، يعني أيها المؤمنون لم تقتلوا المشركين بحولكم وقوتكم، ولكن اللَّه قتلهم حيث سبب في قتلهم بنصركم وخذلانهم، وقوى قلوبكم، وألقى في قلوبهم الرعب، وأمدكم بالملائكة، وقيل: كانت الرياح تحمل السهام، وتوقع في مقاتل الكفار، وذلك فعل اللَّه تعالى، وقيل: فلم يميتوهم، ولكن اللَّه أماتهم؛ لأن الموت لا يقدر عليه غير اللَّه - تعالى - وأنتم