التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم 17 ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين 18}

صفحة 2881 - الجزء 4

  جرحتموهم، عن الحسين بن الفضل. «وَمَا رَمَيتَ» أيها النبي «إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى» قيل: ما بلغ رميك حيث بلغ بك، ولكن اللَّه بلغ، وملأ عيون الكفار، وقيل: رميت ولم يُعْتَدَّ برميك مع رمي اللَّه - تعالى - كما يقال: تكلمت، وما تكلمت، وقيل: ولكن اللَّه وفقك وسدد رميك، عن الأخفش. وقال: ما أصبت إذ رميت ولكن اللَّه أصاب، عن أبي مسلم، قال أبو مسلم: والرمي لا يطلق إلا عند الإصابة، وذلك ظاهر في أشعارهم، واختلفوا في الرمية، فقيل: قبضة من تراب رماها وقال: «شاهت الوجوه» فقسمها اللَّه - تعالى - على أبصارهم حتى شغلهم بأنفسهم، عن ابن عباس والسدي وأكثر المفسرين، وقيل: سهم رماه على ما تقدم، وقيل: حربة رمى بها أبيّ بن خلف يوم أحد «وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا» أي: لينعم عليهم نعمة عظيمة بالنصر والغنيمة والفتح، ثمَ بالأجر والمثوبة، وقيل: ليختبرهم بذلك؛ أي: يعاملهم معاملة المختبر ليظهر المعلوم منهم «إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ» لأقوالهم «عَلِيمٌ» بضمائرهم وأفعالهم «ذَلِكُمْ» أي: فَعَلَ ما فعل من الألطاف والنصر وغيره مما وعد، وقيل: وذلك الأسر والقتل، وقيل: من الرمي والبلاء الحسن «وَأَنَّ اللَّهَ» تعالى «مُوهِنُ» قيل: لتعلموا أنه موهن، وقيل: فعل ذلك لأنه يوهن أي يضعفه، وموهن مضعف «كَيْدِ الْكَافِرِينَ» أي: بأسهم وخيلهم بنصركم وخذلانهم.

  · الأحكام: تدل الآية أن فعل العبد يضاف إليه - تعالى - إذا كان بنصرته ومعونته وتمكينه