التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين 30}

صفحة 2910 - الجزء 4

  المشاورة، فقال أبو البختري: احبسوه في بيت، وشدوا وثاقه نتربص به ريب المنون حتى يهلك كما هلك الشعراء زهير والنابغة، فقال الشيخ النجدي: بئس الرأي، لعل من حولكم يخرجونه، فقالوا: صدق الشيخ، فقال هشام [بن عروة بن عامر بن لؤي]: احملوه على بعير وأخرجوه من بين أظهركم فلا يضركم ما صنع، فقال الشيخ النجدي: بئس الرأي، لعله يفسد غيركم كما أفسدكم، ألم تروا حلاوة منطقه، وأخذه بالقلوب، واللَّه لئن فعلتم ذلك ليأتينكم ويخرجنكم من بلادكم، قالوا: صدق، فقال أبو جهل: أرى أن يجتمع عليه من كل بطن من قريش رجل فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد، فيرضى حينئذ بنو هاشم بالدية، فقال الشيخ النجدي: صدق الفتى، وهو أجودكم رأيًا. ونزل جبريل وأخبر به النبي، ÷ وأذن له في الخروج إلى المدينة، فلما جن الليل اجتمعوا، وأمر النبي ÷ عليًّا # فنام على فراشه، وأخذ قبضة من تراب فوضعها على رؤوسهم وقرأ: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} فناموا، ومضى هو وأبو بكر إلى الغار وخلف عليًّا على الودائع التي عنده للناس، فلما أصبحوا قالوا لعلي: أين صاحبك؟ قال: لا أدري، فأرسلوا في طلبه، فمروا بالغار وإذا على بابه نسج العنكبوت، فمكث ثلاثًا، ثم خرج إلى المدينة.

  ومتى قيل: أليس يروون أن ذلك الشيخ إبليس تصور بصورة شيخ، وأنهم لما أجمعوا اعترضهم وقال: شيخ من أهل نجد سمعت باجتماعكم فأردت أن أحضر