التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون 33 وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون 34}

صفحة 2917 - الجزء 4

  فما يمنعهم «أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ»، قيل: عذاب الآخرة، والأول عذاب الدنيا عن أبي علي.

  وقيل: العذاب بالسيف بعد خروج النبي ÷ والمؤمنين من بينهم، والأول عذاب الاستئصال، وقيل: الأول استدعاء الاستغفار فلما لم يفعلوا عذبوا، ثم بين استحقاقهم للعذاب بصدهم للناس «عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ» وهو الكعبة، وما هم عليه من الكفر والعصيان، وقيل: صدهم ما فعلوا عام الحديبية بالنبي ÷ والمؤمنين ومنعوهم عن العمرة، وقيل: كانوا يصدون المؤمنين عن الصلاة عند الكعبة، وعن الطواف، وقيل «وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ» قيل: أولياء اللَّه، وقيل: أولياء المسجد الحرام، عن الحسن وأبي علي وأبي مسلم؛ لأنه - تعالى - لم يولهم أمره «إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ» قيل: الَّذِينَ يتقون المعاصي، عن الأصم. وقيل: هم أصحاب محمد ÷، وقيل: هم جميع المؤمنين، وقيل: ولاة البيت؛ لأن اللَّه - تعالى - ولاهم أمره، كقوله: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} «وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» أن أولياء اللَّه، هم المتقون، فيقولون: نحن أولياء اللَّه وهم كفار، وقيل: لا يعلمون أنه لا يلي أمر البيت إلا المتقون.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه لا يعذب بعذاب الاستئصال ما دام الرسول فيهم أو يستغفرون، وأنه يعذبهم في الآخرة تنبيهًا أن عذاب الدنيا وإن زال سببه فعذاب الآخرة ثابت.

  وتدل على أن الكفار لا يلون أمر البيت والمؤمنون هم القائمون بأمره.

  وتدل على أن المعارف مكتسبة؛ لذلك قال: «لا يعلمون».