التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون 36 ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون 37}

صفحة 2925 - الجزء 4

  وقيل: الكفار ونفقاتهم، يجمع بين الكفار وما أنفقوا ويعاقبهم بها في جهنم، كما يجمع بين المؤمن وما أنفق فيأتي بها «فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا» أي يجمع بعضهم على بعض حتى يتراكموا، ثم يساقون إلى النار، فيركب بعضهم فوق بعض حتى يتراكموا ويضيق موضعهم «فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ» يعني: الكفار يدخلهم جهنم «أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ» خسروا أنفسهم بالكفر وأموالهم بالإنفاق بالمعصية، فاستحقوا عذاب اللَّه.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الإنفاق في المعصية يورث الحسرة والعقوبة، وهو عام، فيحمل على الجميع، ولا معنى لتخصيصه.

  وتدل على قبح الصد عن سبيل اللَّه فيدخل فيه الكفار الَّذِينَ يصدون عن سبيل اللَّه، ويدخل فيه من صد عن التوحيد والعدل وعن الاستمرار على الطاعة وغيرها، وربما يكون كفرًا، وربما يكون فسقًا.

  وتدل على أنه - تعالى - يميز المطيع من العاصي، ويجازي كل واحد بعمله، فيبطل قول من لا يرى الجزاء.

  وتدل على معجزة الرسول؛ لأنه أخبر بإنفاقهم، وأنهم يُغلبون، فكان كما أخبر.

  وتدل على أن أحوال الكفار تكون كذلك أبدًا؛ لأنه عم، ولم يخص.

  وتدل على أن أحوال الكفار: [من] الكفر والإنفاق والصد فِعْلُهُم.